عنده التحريك.
يريد أن أصل غزى غزو لأنه من الغزو ، فانقلبت الواو ياء لأنها طرف وقبلها كسرة ، فلما خفف فقيل : غزى فانقلبت الواو ياء ، ترك على قلبه ؛ لأن تخفيفه ليس بواجب ولا هو بناء بني عليه اللفظ في الأصل ، وإنما هو عارض ، كما أن الذي يقول : علم وكرم ، الأصل عنده : علم وكرم ، وإن خفف. والدليل على أن الأصل هذا ، أنّه لو جعل الفعل لنفسه لقال : علمت ، وكرمت فرد البناء إلى أصله.
وأنشد للأخطل :
* إذا غاب عنّا غاب عنا فراتنا |
|
وإن شهد أجدى فيضه وجداوله (١) |
أراد شهد فكسر الشين إتباعا للهاء ثم سكن الهاء تخفيفا وترك الشين على كسرها.
وغير سيبويه يقول : لما سكن الهاء ألقى حركتها على الشين.
ويروى : أجدى فضله وجداوله.
هذا باب ما تمال فيه الألفات
معنى الإمالة أن تمال الألف نحو الياء فتكون بين الألف والياء في اللفظ ، والذي دعا إلى ذلك أنّه إذا كان في الكلمة كسرة أو ياء نحوا بالألف نحو الياء وجنحوا إليها إتباعا للكسرة لأن الياء أقرب إلى الألف من الواو.
والأشياء التي من أجلها تمال الألف : الياء والكسرة إذا كانتا ظاهرتين أو مقدرتين ، أو كان في تصاريف الكلمة ياء تنقلب عن واو ليفرق بين لفظتين فيشبه ما لا أصل له في الإمالة بما يمال لاشتراكهما في لفظ الألف. وذلك منها ما تقوى فيه الإمالة ، ومنها ما يجوز وليس يقوى ، ومنها ما يقبح وقد تكلم به على قبحه ، ومنها ما جاء شاذّا تكلمت به العرب.
وقد ذكر سيبويه جميع ذلك.
قوله : ولا تتبع الواو لأنها لا تشبهها ، ألا ترى أنك لو أردت التقريب من الواو انقلبت فلم تكن ألفا.
يريد : أن الألف إذا كانت بعدها ضمة لم تملها إلى الواو كما أملتها إلى الياء إذا كان بعدها كسرة لبعدها من الواو ؛ لأن اللفظ لا يتأتى فيه ، ومتى أملتها صارت واوا كقولنا : أوجر.
وبين أن الألف إذا كانت منقلبة من ياء تمال لينحى بها نحو الياء التي هي بدل منها.
وقوى ذلك بأن بعضهم يقول في ردّ : ردّ فيشمّ الكسر لأن أصل الفعل ردد.
__________________
(١) ديوانه ٦٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٥٩ ، شرح النحاس ٣٣٢.