وأنشد للفرزدق :
* وما حلّ من جهل حبا حلمائنا |
|
ولا قائل المعروف فينا يعنّف (١) |
فأنشده بإشمام الكسر في حل.
والحبا : جمع حبوة وهو ما يحتبى به الإنسان ، يعتمد عليه في جلوسه. وكانت العرب تفعل ذلك كثيرا ، فإذا دهمهم أمر ينكرونه ، حلوا حباءهم. فيصف الفرزدق قومه بالحلم وترك العجلة والخفة ، وأن من حكم منهم بما فيه الصلاح لهم وقضى عليهم رضوا بحكمه ولم يردّوا قوله ولا عنّفوه عليه.
قوله : " وقال ناس : رأيت عمادا ، فأمالوا للإمالة كما أمالوا للكسرة".
يريد أنّهم أمالوا الألف التي بعد الدال لإمالة الألف التي بعد الميم لكسرة العين ، لأن إمالة الألف كالكسرة.
وسائر الباب مفهوم من كلامه إن شاء الله.
هذا باب من إمالة الألف يميلها فيه ناس من العرب كثير
قال : واعلم أن من لا يميل الألفات في ما ذكرنا قبل هذا الباب لا يميلون شيئا منها في هذا الباب.
يعني من يقول : كيال والسيال ـ وهو شجر له شوك ـ وما أشبه ذلك مما تضمنه الباب المتقدم فلا يميل شيئا مما ذكر إمالته في هذا الباب.
قال : واعلم أن بعض من يميل ، يقول : رأيت يدا ويدها ، فلا يميل تكون الفتحة أغلب وصارت الياء بمنزلة دال دم لأنها لا تشبه المعتل منصوبة.
يعني : أن الذي لا يميل هذا لم يحفل بالياء ؛ لأن الفتحة التي في الياء هي بعد الياء في التقدير فغلبت عليها لأنها أقرب إلى الألف.
قوله : وقال أكثر الفريقين إمالة : رمى فلم يمل كره أن يتحقق نحو الياء إذ كان إنما فر منها. إلى قوله : ولا يقول ذلك في حبلى ؛ لأنه لم يفر فيها من ياء ولا في معزى يريد : أن قلبهم الياء ألفا في رمى ، إنما كان فرارا من الياء فلا يميلون الألف لئلا يقربونها من شيء فروا منه.
وألف" معزى" زائدة بمنزلة ألف" حبلى" فأجروها مجراها في الإمالة.
وسائر الباب مفهوم من كلامه إن شاء الله.
__________________
(١) ديوانه ٢ / ٥٦١ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٦٠ ، شرح السيرافي ٢ / ٢٦٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٨١ ، المنصف ١ / ٢٥٠ ، مغني اللبيب ١ / ٢٢٧ ، الهمع ١ / ٢٤٨ ، اللسان حلل ١١ / ١٧٣ ، حبا ١٤ / ١٦١.