لأنها إنما تدخل على المبني وأيضا فإن التشديد إنما يلحق في الوقف إذا سكن الحرف الموقوف عليه ، فإذا حركناه بإدخال الهاء استغنينا عن التشديد فاعرفه.
هذا باب السّاكن الذي يكون قبل
آخر الحرف فيحرك لالتقاء الساكنين
قوله : وقالوا رأيت العكم فلم يفتحوا الكاف إلى قوله" صار في النصب كأنه بعد الساكن".
ثم بين في هذا الفصل أنّه لا يحرك الساكن الأول بالفتح ، في حال من الأحوال لا بإلقاء فتحة ما بعده عليه ولا بإتباع فتحة ما قبله ، لا تقول : رأيت البكر ، ولا هذا البكر فتتبع الكاف الباء ، وإنما يحرك الساكن الأول بالضم أو الكسر. فإن كان الحرف الأول مفتوحا حرك بحركة ما بعده كقولك : " هذا عدل" ، و" هذا بسر" في قول من يقول بسر بإسكان السين.
قال : " ولا يكون هذا في زبد وعون لأنهما حرفا مد ، فهما يحتملان ذلك إلى قوله وكذلك الألف".
يريد : أنك لا تقول : هذا زبد ولا عون ؛ لأن الياء والواو يستثقل فيهما الضم والكسر وهما من حروف المد واللين. واحتمال اجتماع الساكنين في الوقف أشد من احتمال غيرهما كما اختصا في القوافي بأشياء لم يحتملها غيرهما ، وسيأتي ذلك في القوافي إن شاء الله.
قوله : " واعلم أن من الحروف حروفا مشوبة ضغطت من مواضعها إلى قوله والدليل على ذلك أنك تقول : الحذق فلا تستطيع أن تقف إلا مع الصويت لشدة ضغط الحرف".
اعلم أن هذه الحروف التي ذكرها في هذا الفصل ، إذا أردت امتحان ما ذكر فيها فإنك تبتدئ بحرف من الحروف ، وتثني بأحد هذه الحروف الخمسة فتقف عليه فتسمع صويتا عند الوقف عليه كقولك : اق ، واج ، واط ، واب ، واذ وقد تدخل في ذلك الكاف كقولك : اك ، وذلك أن هذه الحروف لما انضغط موضعها ولم يكن للصوت منفذ صار الوقف عليه وقطعه بمنزلة شيء شديد التحزيق ، والتحزيق هو الذي يوجب التصويت ؛ لأن ما كان متفشيا لم يكن له في التصويت من الأثر ما للتحزيق.
وقوله بعد هذا : ومن المشوبة حروف إذا وقفت عندها خرج معها نحو النفخة إلى قوله : وقد فتر من بين الثنايا لأنه يجد منفذا.
معنى قوله في هذا الفصل : " انسل آخره وقد فتر من بين الثنايا".
يريد : انسل آخر هذه الحروف من بين الثنايا ؛ لأنه لا يجد منفذا غير ذلك وانسلاله هو النفخ.