الحال إنما هي وصف من أوصاف الفاعل أو المفعول في وقت وقوع الفعل ، كقولك : «قام زيد ضاحكا» ، أي : وقع فعله في الحال التي هو موصوف فيها بضاحك.
وإذا قلت : «كسوت زيدا الثوب» ، «فالثوب» ليس هو الكاسي ، ولا الرجل المكسو ، فليس بحال وقع فيها الفعل من أحوالها ، فوجب أن يكون «الثوب» مثل «زيد» في وصول الفعل إليه ، وتناوله له ، وهذا معنى قوله : «ولكنه مفعول كالأول» يعني أن «الثوب» مفعول كذلك.
فأما قوله : «ويكون معناه ثانيا كمعناه أولا».
يعني أن المفعول الثاني في قوله : كسوت زيدا الثوب بمنزلة إذا قلت : كسوت الثوب زيدا ، ولم تذكر غيره. والحال ليس كذلك ؛ لأن الحال لا تقوم بنفسها منفردة عن الأسماء التي هي حال منها كما انفرد الثوب عن المفعول الأول.
قوله : «والاسم الأول المفعول في ضربت» إلى قوله : «وكذلك ويحه فارسا».
يعني أن مفعول «ضربت» إذا قلت : «ضربت زيدا قائما» قد اكتفى الفعل به في التعدي إليه فامتنع «قائم» من وصول الضرب إليه ، كما يصل إلى المفعولات ، فانتصب لأنه حال ، كما أنك إذا قلت : «ذهب زيد راكبا» فقد اكتفى «ذهب» «بزيد» في أنه فاعله ، فلم تصر الحال فاعلا ، فقد صار الفاعل حائلا بين الفعل وبين الحال أن يكون فاعلا.
ثم مثل سيبويه الحال بالتمييز من قبل أن عمل الفعل في الحال كعمل ما ينصب على طريق التمييز ؛ وذلك أن الحال لا تكون إلا نكرة ، والتمييز لا يكون إلا نكرة ، ومعناهما متقارب وذلك أنك إذا قلت «جاء زيد» فإن مجيئه يصلح أن يكون واقعا في حال من أحوال يمكن أن تكون له. فإذا قلت : «راكبا» ، فقد ميزت هذه الحال من سائر أحواله المقدرة.
فإذا قلت : «جاءني عشرون» يصلح أن يكون من أنواع كثيرة ، فإذا قلت : «رجلا» فقد بينت واحدا من الأنواع الممكنة ، غير أن النوع المميز : هو غير الشيء المميز والحال هي اسم الفاعل والمفعول في حال وقوع الفعل ، فهما مختلفان في أنفسهما ، متقاربان في طريق نصبهما.
قوله : «وإنما جاز هذا لأنه حال» إلى قوله : «من الأزمنة».
يريد إنما جاز تعدي الفعل إلى الحال ، وإن كانت مما لا يتعدى إلى مفعول ، كما جاز أن تعمل «العشرون» ونحوها في التمييز ، ولم يكن الفعل في تعديه إلى الحال بأضعف من عمل العشرين إذ عملت في التمييز ؛ لأن الفعل يتعدى إلى الظرف والمصدر ، وليس كذلك «العشرون».
باب الفعل الذي يتعدى اسم الفاعل إلى اسم المفعول
اعلم أن هذه الأفعال التي ضمنها هذا الباب أفعال تدخل على مبتدأ وخبر ، فتفيد