حركنا الميم ففيه خمس متحركات.
وقوله هذا ، على أحد وجهين : إمّا أن يكون سهوا في عدد الحروف ، وإما أن يكون على ما قال بعض النحويين : لاجتمعت أربع متحركات من قبل تحريك الميم ، فإذا حركناها زاد على أربع متحركات فيكون زائدا على نهاية الثقل المستعمل في الشعر والموجود في كلمة واحدة ، كقولنا : علبط وما أشبه ذلك.
وقوله : " فأما الهاء فحرّكت في الباب الأول" إلى قوله : " كما فعلت في الأول".
يعني أن الهاء لا تسكن كما سكنت الميم في أبوهم ورسلهم وما أشبه ذلك ، لأن الميم لا يكون ما قبلها إلا مضموما ، فإذا سكناه لم يلتق ساكنان ، والهاء قد يكون ما قبلها ساكنا كقولنا : ألقى عصاه وعليه ، وما أشبهه ، فلو سكناها اجتمع ساكنان ـ فاعلمه.
هذا باب ما تكسر فيه الهاء التي هي علامة الإضمار
ذكر في هذا الباب أن بعض العرب يقولون : " بكم" و" عليكم" ، يشبهونها بقولهم : " بهم" وهي لغة رديئة.
وزعم أن أهل اللغة سمعهم ينشدون قول الحطيئة :
* وإن قال مولاهم على كلّ حادث |
|
من الدهر : ردّوا فضل أحلامكم ردّوا (١) |
ومعنى البيت أنّه يصف قوما بالحلم والأخذ بالعفو والفضل ، فإذا كان بينهم وبين مولاهم ـ وهو ابن عمهم ـ مباينة بشيء وقع بينه وبينهم ثم نابه حدث ونزلت به شدة ، فاستنصرهم وسأل أن يردوا عليه فضل أحلامهم ففعلوا ذلك.
وذكر قولهم : " هذه أمة الله" بالإسكان ، وفرق بيّن هذه الهاء وهاء الإضمار وإنما إسكانها لقلة تصرفها إذا كان ما قبلها مكسورا خاصة ، وما قبل هاء الإضمار مختلفا. ووجب إسكانها أيضا لأنها مبنية وبدل من شيء لو كان حرفا صحيحا للزمه البناء على السكون وذلك أنّها بدل من ياء في حرف إشارة والإشارات مبنية على السكون ، فجاز فيها السكون لذلك فاعرفه.
هذا باب الكاف التي هي علامة المضمر
ذكر في هذا الباب أن قوما يلحقون الشين بعد كاف المؤنث يبيّن بها الكسرة في الوقف.
وذلك قولهم : أعطيتكش وهذه اللغة تسمى : الكشكشة ، ويقال إنّها في قوم من بكر بن وائل ، وإنما ألحقوا الشين في الوقف ؛ لأنهم إذا وقفوا على الكاف سكنت ، فلم يكن فصل بين
__________________
(١) ديوانه ٢٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٩٤ ، المقتضب ١ / ٢٧٠ ، شرح السيرافي ٦ / ٣٩٣ شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٤٢.