يعني : أنّهم لو قالوا : قاول وبايع بغير همز لصار بمنزلة مقاول ومبايع ، الذي قد صح فعله في قاول وبايع ، فكرهوا أن يساوي ما اعتل فعله من أسماء الفاعلين ما صح فعله. وقوله : ولو يصلوا إلى الإسكان مع الألف.
يعني : أنّهم لو أسكنوا الواو في قاول. والياء في بايع لاجتمع ساكنان ، ولا يمكن الجمع بينهما ، ولو حذف أحدهما لالتبس اسم الفاعل بفعله.
واعلم أن المحذوف من اسم المفعول المعتل العين من ذوات الواو ، واو" مفعول" عند الخليل وسيبويه لأنها زائدة ، والتي قبلها أصلية ؛ لأنها عين الفعل فإذا اجتمع حرفان أحدهما زائد والآخر أصلي ، واحتجنا إلى حذف أحدهما ، حذفنا الزائد ، وكان أولى بالحذف ؛ لأنه مجتلب لم يكن موجودا من قبل.
وقال الأخفش : الواو الأولى هي المحذوفة وإن كان عين الفعل ؛ لأن الساكنين إذا اجتمعا فالأول أولى بالتغيير والحذف.
ألا ترى أنا نكسر الحرف الأول لالتقاء الساكنين كقولك :
قامت المرأة : ولم يقم الرجل.
وأما مفعول من ذوات الياء نحو : مبيع ومكيل فسقط أيضا الواو على قول الخليل وسيبويه ؛ لأنها زائدة فإذا سقطت الواو من مبيوع وقد ألقينا ضمة الياء على الباء. صار" مبيع" بسكون الياء وضمة الباء فكسرت الباء لتسلم الياء لأنها لو تركت على ضمتها لوجب قلب الياء واوا ، فكان يصير" مبوع"" ومخوط" على لفظ" مقول" فتلتبس ذوات الياء بذوات الواو ، فكسروا ما قبل الياء لتسلم كما قالوا في جمع أبيض : بيض.
وزعم الأخفش أن الياء هي المحذوفة ، وأنهم ألقوا ضمة الياء على ما قبلها فسكنت فاجتمع ساكنان : الياء والواو ، الأولى منهما أولى بالحذف على ما مضى من قوله في ذوات الواو.
فقيل له : فإذا كان المحذوف هو الياء والمبقى هو واو مفعول وقبلها الضمة التي كانت في الباء فألقيناها على ياء مبيوع وخاء مخيوط فما هذه الياء التي في مخيط ومبيع؟
فأجاب في ذلك أنّه لما ألقينا ضمة الياء على ما قبلها كسر ما قبل الياء قبل حذفها لتسلم الياء ، ثم حذفت الياء لاجتماع الساكنين فقلبت واو مفعول ياء للكسرة التي قبلها.
وبيّن سيبويه أن الياء أخف من الواو ، واستدل على ذلك بأنها أقرب إلى الألف من الواو إذ كانت متوسطة بين الواو والألف.
واستدل على ذلك أيضا بقولهم في ذوات الواو : مشيب ومنيل فيقلبونها إلى الياء لأنها أخف منها ، والأصل مشوب ، ومنول من قولك : شبت الشيء ، إذا خلطته ونلت الرجل : أعطيته.
فمن حيث قيل : مشيب في مشوب ومنول. ولم تكن فيه ياء ولا كسرة لزم أن يقال :