يعني : إنما وقع التشبيه إذا كانت بمنزلة أقام ؛ لأن أقام أصله أقوم ، فألقيت حركة الواو على القاف وسكّنت الواو ، فإذا ألقيت من أقول حركة الواو على القاف قبل أن تلقى ألف الوصل ، فقد صار بمنزلة أقام لأنك لم تعمل بواحد منها أكثر مما ألقيت حركة الواو على الساكن الذي قبلهما ، فتسكن الواو وتحرك الساكن الذي قبلها ، فهذا معنى قوله" إسكان متحرك أو تحريك ساكن".
وأنشد في ما جاء تفعلة مما عينه واو :
* بتنا بتدورة يضيء وجوهنا |
|
دسم السليط على فتيل ذبال (١) |
فتدورة : تفعلة من دار يدور ، وهو موضع مستدير بين جبال.
هذا باب أتم فيه الاسم على مثال ، فمثل به لسكون ما قبله وما بعده ،
كما المضعف إذا سكن ما بعده
قوله بعد أن ذكر الإقامة والاستقامة واعتلالهما : لو كانتا تفارقان كما
تفارق بنات الثلاثة التي لا زيادة فيها مصادرها ، لتمت كما تتم فعول منهما.
يعني : أن الإقامة والاستقامة مصدران لأفعل واستفعل وهما معتلان وليسا كمصادر الأفعال الثلاثية التي لا تلزم طريقا واحدا كفعول مصدر : غار يغور غؤورا وقعد يقعد قعودا ، وليس كل ثلاثي مصدره فعول ؛ لأنك تقول : قدر قدرة وعلم علما وقد صح فعول ؛ لأنه ليس بمصدر لازم لفعل معتل.
وقوله : " فإذا قلت : فواعل من عورت وصيدت" : همزت إلى آخر الباب.
اعلم أن ألف الجمع متى وقعت بين واوين وكانت الواو الثانية منهما قبل الطرف وليس بينهما وبين الطرف حاجز وجب قلب الواو الثانية همزة والأصل في ذلك أنّهم رأوا العرب قد همزت" أوائل" وقد علم أن الأصل فيه أوايل ، لأن الواحد أول وهو أفعل ، فالواو والعين واوان ، فلما فعلت العرب ذلك ـ لأن اجتماع واوين ثقيل واعتلال الأطراف كثير ـ غيروا إحدى الواوين وشبهوهما باجتماع واوين في أول الكلمة ، وذلك يوجب الهمز كتصغير" واصل" وجمعه" أويصل" و" أواصل" وغير ذلك قاس سيبويه فزعم أن اجتماع الياء والواو إذا وقعت ألف الجمع بينهما كاجتماع الواوين ، كقولك في جمع : بعير صائد غدا : أبعرة صوائد ، بهمز الياء لوقوع ألف الجمع بينهما وبين الواو ، وجعل الأصل في ذلك ما سمع من العرب في جمع عيل : عيائل مهموزة.
__________________
(١) ديوانه ٢٧٥ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٣٦٥ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٤١٨ ، المنصف (١ / ٣٢٤ ، ٣ / ٥٤) ، الممتع في التصريف ٤٨٦ ، اللسان دور ٤ / ٢٩٦ ، ذبل ١١ / ٢٥٦.