وذكر سيبويه أجناس الحروف وسماها بأسماء تشاكل حقيقتها ، فمن ذلك :
المجهورة : سماها بذلك لما فيها من إشباع الاعتماد المانع من جرى النفس معه عند الترديد ؛ لأن قوة الصوت باقية. وأخذه سيبويه من الجهر ، وهو علو الصوت وبيانه. وسمي الحروف الأخر مهموسة ؛ لأنها حروف أضعف الاعتماد فيها وجرى النفس مع ترديد الحرف بضعف.
والهمس : الصوت الخفي ، ويجمع الحروف المهموسة :
" كست شخصه فحث" ، وسائر الحروف المجهورة.
وأعلم أن ترديد الحروف الذي يعلم به المجهور من المهموس لا يمكن إلا بتحريكه ، لأن الساكن لا يمكن تحريكه.
ومعنى قول سيبويه : " إذا أردت اعتبار الحرف" إلى قوله : " وإن شئت أخفيت".
يعني أن ترديد الحرف على الوصف الذي ذكره يعرف به المجهور من المهموس ، سواء رفعت صوتك أو أخفيته. وحروف المد هي : الألف والواو والياء وما فيها يعني الحركات.
ويحتمل أن يكون قوله : " فيها" بمعنى معها ، كأنه قال :
وما معها من الحركات المأخوذة منها ، مثال ذلك أنا نعتبر القاف فندخل عليها ألفا فنقول قاقاقا ، أو : واوا" ، فنقول : قوقوقو. أو ياء ، فنقول : قي قي قي ، فنرفع صوتا بالألف بعد القاف ، وبفتحة القاف ، أو بالواو والضمة أو بالياء والكسرة.
ويحتمل أن يكون الضمير في قوله : " فيها" للحروف المهموسة والمجهورة ، فيكون الترديد مرة بزيادة حرف المد على الحرف الممدود ، وزيادة حركة ، ومرة بزيادة حركة فقط.
كما قلنا : ق ق ق.
قال : " ومن الحروف : الشديد ، وهو الذي يمنع الصوت أن يجري فيه".
ويجمعها : " أجدك قطبت".
قال : " ومنها الرخوة وهي : الحاء ، والهاء ، والغين والخاء ، والشين والصاد ، والضاد ، والزاي ، والسين ، والظاء ، والثاء ، والذال ، والفاء".
والرّخوة ضد الشديدة. والفرق بينهما أن الحرف الشديد إذا وقفت عليه انحصر الصوت عليه. والرخو : إذا وقفت عليه لم ينحصر الصوت. تقول : اق فتجد الصوت مع القاف منحصرا ، وتقول : اش ، واخ فتجده جاريا.
قال : " ومنها المنحرف".
وهو اللام. وإذا تأملت الذي ذكر سيبويه فيه ووصفه به وجدته كما قال.
" ومنها حرف شديد يجري معه الصوت غنّة من الأنف.
وهو النون ، وكذلك الميم ، وإذا تأملت كلام سيبويه فيه ثبتت صحة قوله.