وتسكن الباء في بما فيجتمع ساكنان.
وأنشد في مثله :
* وأمتاح منّي حلبات الهاجم |
|
شأو مدل سابق اللهامم (١) |
الشاهد فيه إخفاء الميم الأولى ، ولو أدغم فقال : اللهامم لانكسر البيت.
واللهامم : جمع لهموم ، وهو الفرس السريع ، كأنه يلتهم الأرض أي : يبلعها بشدة جريه ، والهاجم : الحالب ، يقال هجمت اللبن أي : حلبته.
يصف فرسا جوادا له شأو يدل فيه ويسبق به السراع من الخيل ، وهي اللهامم ، فشأوه ذلك يحمله أن يسقيه اللبن ويؤثره به على غيره.
وأنشد في مثل هذا :
* وغير سفع مثّل يحامم (٢)
أخفى الميم الأولى في يحامم. واليحامم : جمع يحموم وهو الأسود ، وحذف الياء ضرورة ، والسّفع : السود تضرب إلى الحمرة ، يعني : الأثافي ، والمثل : المنتصبة.
قال : " وتقول هذا ثوب بكر ، فالبيان في هذا أحسن منه في الألف".
اعلم أن الياء والواو إذا كانت ساكنتين وانفتح ما قبلهما ، ففيهما مد دون المد الذي يكون فيهما إذا انضم ما قبل الواو وانكسر ما قبل الياء ، وذلك أن الألف ، هي أوسع حروف المد مخرجا وأبعدها مدا ، ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا ، فإذا كان قبل الواو الساكنة ضمة ، وقبل الياء كسر ، فهما على منهاج الألف ، فلذلك لم يستحسن الإدغام في قولك : هذا ثوب بكر ، وعيب بكر ، كما يستحسن في قولك : المال لك وما أشبهه.
واحتجّ لقيام المد في حرف المد مقام الحركة متحركا عوّض منه حرف مد وجعله ردفا.
وأنشد :
* وما كلّ مؤت نصحه بلبيب (٣)
فلم يجز سيبويه في هذا وما جرى مجراه مما يلزمه الردف على ظاهر الكلام أن يكون ردفه واوا مفتوحا ما قبلها أو ياء مفتوحا ما قبلها ، وقد يأتي مثل ذلك في الشعر وهو قليل.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٤٠٨ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٨٨ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٤٤٠.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٤٠٨ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٣٩ ، رسالة الملائكة ١١٠ اللسان" حمم" ١٢ / ١٥٧.
(٣) ديوان أبي الأسود ٣٣ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٤٠٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٨٩ ، المؤتلف ١٥١ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٤٣٨ ، شرح عيون الكتاب ٣١٦ ، مغني اللبيب ١ / ٢٦٢ ، شرح شواهده ٢ / ٥٤٢ ، همع الهوامع ٢ / ٢٩ ، الخزانة ١ / ٢٨٣.