ثم قوّى ذلك بقولهم أفألله ، وبقولهم أي ها ألله.
فأما قولهم : أفألله ، فإنه يهمز بعد الفاء ألف الوصل عوضا من حرف القسم.
وأما : أي : ها الله. فإن الألف تثبت ولا تحذف لاجتماع الساكنين ، كأن الهمزة من ألله باقية ، وإنما حذفت في اللفظ ، كما أن اللام من قولنا : ألحمر كأنها ساكنة وإن حركت بإلقاء حركة ألف أحمر عليها.
وقوله في آخر الباب : " وأما ردّ داود فبمنزلة اسم موسى"
يعني : لو أدغمنا الدال الثانية في دال داود ، لوجب أن تحرك الدال وتغيّر ، كما لو أدغمنا الميم لوجب تحريك السين من اسم موسى.
وقد ذكر فساد ذلك فاعرفه.
هذا باب الإدغام في الحروف المتقاربة التي هي من مخرج واحد
والحروف المتقاربة مخارجها
قوله : ولو كان مع هذه الياء التي ما قبلها مفتوح إلى قوله : لأن الحرفين استويا في اللين.
يعني : أن الياء تدغم في ياء مثلها إذا انفتح ما قبل الأولى نحو : اخشى ياسرا ، وكذلك الواو في نحو قولك : اخشوا واقدا ؛ لأنهما قد استويا في اللين فلا يستطاع إلا ذلك.
وقوله فصارت هذه الياء والواو مع الجيم والياء نحوا من الألف مع المقاربة ؛ لأن فيهما لينا.
يعني : أن الياء مع الجيم ، والواو مع الياء التي من مخرجها في تباين الكيفية والحكم مع الحروف المقاربة لها. لما فيها من اللين وإن لم يبلغا منزلة الألف.
وقوله : ولا يدغمان في هذه الياء والواو ؛ لأنك تدخل اللين في ما لا يكون فيه لين.
يعني : لا تدغم الجيم في الياء ، ولا الميم في الواو فتصير الميم والجيم من حروف المد واللين ؛ لأن تباعد ما بين حروف المد واللين وبين غيرها ، أشدّ من تباعد الحروف المتباعدة المخارج ، ألا ترى أن حروف المد واللين وإن تباعدت مخارجهن ، يجتمعن في أحكام وينقلب بعضهن إلى بعض ؛ لأن ما بينهن في المد واللين ، أقوى مما يكون من المتقارب في المخرج.
فإن اعترض معترض بأن النون تدغم في الياء والواو وليس فيها لين.
فإن الجواب في ذلك : أن النون لما فيه من الغنة ، وأن له مخرجا من الخيشوم أجري مجرى حرف المد واللين في أشياء كثيرة ، منها أنّها علامة الإعراب في يذهبان ويذهبون ، ومنها أن الألف تبدل من التنوين في المنصوب ، ومن النون الخفيفة في قولك : اضربا ، فقربت بذلك من حروف اللين ، وحملت عليها ، وليس كذلك غيرها.
وذكر أن من الحروف حروفا لا تدغم في المقاربة ، وتدغم المقاربة فيها ، وتلك