الساكنة ، التي بعدها الدال بين الصاد والزاي ، بل لك في ذلك ثلاثة أوجه :
ـ إن شئت جعلتها صادا خالصة.
ـ وإن شئت قلبتها زايا خالصة.
ـ وإن شئت قلبتها حرفا بين الصاد والزاي.
لأن الصاد مهموسة رخوة مطبقة فنبت الصاد عن الدال ـ لما بينهما من هذه
المخالفة ـ بعض النبو ، فجعل مكان الصاد حرف بين الصاد والدال والزاي الذي هو من مخرجها ، يقارب الدال ويوافقها في بعض صفات الدال لتكون أشد ملاءمة للدال وأقل نبوا عنها من الصاد.
وذلك الحرف هو الزاي ، وهي مجهورة غير مطبقة ، فوافقت الدال بالجهر وعدم الإطباق ، ووافقت الصاد بالمخرج والصفير.
فمن قلب الصاد زايا خالصة ، فلما ذكرناه من موافقة الزاي للصاد والدال.
ومن جعلها بين الصاد والزاي ، فإنه كره أن يقلبها زايا خالصة ، فيذهب الإطباق الذي في الصاد ، والإطباق فضيلة فيكون إجحافا بها.
وبين أن الصاد إذا تحركت لم يجز بدلها ؛ لأن الحركة بعد الحرف المتحرك في التقدير ، فصار بين الصاد والدال حاجز ، وصار ما بينهما من التنافر والنبو أخف ، لأنه إنما ينافره وينبو عنه بالاجتماع ، فأجازوا فيه أضعف الأمرين وهو أن ينحى بالصاد نحو الزاي ، وذلك مستمر في كل صاد متحركة بعدها دال ، ولا يجوز قلبها زايا خالصة إلا في ما سمع من العرب.
فإذا فصل بين الصاد والدال بأكثر من حركة ، لم يلزم جواز جعلها بين الصاد والزاي ، ولم يستمر ذلك ، ولم يقل إلا في ما سمع نحو : مصادر والصّراط ؛ لأن الطاء كالدال وقد قلبوها زايا في الصّراط ، وذلك غير مطرد.
والمضارعة بالصاد ، والزاي هاهنا حين بعدت من الدال كقولهم : صويق ، ومصاليق ، فأبدلوا السين صادا كما أبدلوها حين لم يكن بينهما شيء في سقت ونحوها ، وذلك أن القاف إذا كانت بعد السين في كلمة واحدة ، فبعض العرب تقلب السين صادا إن كانت القاف إلى جنب السين ، وإن كان بينهما حاجز كقولك : صقت ، وصبقت ، وصملق في : سقت ، وسبقت وسملق.
فشبهوا الصاد ـ التي بينها وبين الدال بعد في كلمة واحدة بالسين التي بينها وبين القاف بعد في قلب القاف إياها صادا على بعدها ، فصار ، مصادر والصراط ، كصدر كما أن سملق ، وسبق كسقت ، فاعلم ذلك.
هذا باب تقلب فيه السين صادا في بعض اللغات
فرق سيبويه في هذا الباب بين قلب السين صادا مع القاف ، وبين قلب التاء طاء مع