الإدغام لوقوع الدال الساكنة بين السينين لكان يلزم في سدس الشيء ست ، وفي سدس أظماء الإبل : ست ، وذلك لا يقوله أحد ، وإنما شذ ستّ وستة في الإدغام ؛ لأنهما اسمان للعدد وبعدهما في الكلام كثير ، فاستثقلوا السينين المتطرفتين وبينهما دال والدال قريبة المخرج من السين فكأنها ثلاث سينات ، والدال تدغم في السين.
فلو أدغموا على ما يوجبه حكم الإدغام لوجب أن يقال : سسّ ، فكرهوا ذلك. وقد هربوا من سينين بينهما دال وكرهوا أن يقلبوا السين دالا ويدغموا الدال في الدال فرارا من قلب الثاني إلى جنس الأول.
ولو فعلوا ذلك فقالوا : سد لصار كأنهم أدغموا السين في الدال ، والسين لا تدغم في الدال من أجل الصفير ، فقلبوا السين إلى أشبه الحروف بها ـ من مخرج الدال ـ وهو التاء ؛ لأن التاء والسين مهموستان ، فصارت سدت ، ثم أدغموا الدال في التاء لأنهما من مخرج واحد.
ومن الشاذ قولهم : عدّان ، جمع عتود وهو التيس ، وفيه لغتان عتدان ، وعدّان.
فعدّان شاذ كشذوذ ود في : وتد ؛ لأنهما في كلمة ، فيجوز أن يتوهم أن المشدد عين ولام في الأصل.
وقوله : وإنما يفرون بها إلى موضع تتحرك فيه.
يريد : أنّهم يختارون في مصدر وتد ووطد : تدة وطدة ولا يختارون وتدا ولا وطدا لسكون التاء والطاء وبعدهما الدال ، وذلك مستثقل.
وقوله : وهذا شاذ مشّبه بما ليس مثله يعني : ودّ وعدان شاذان وقد شبه بيهدي ويقدي في إدغام تاء يهتدي ، ويقتدى في الدال ـ وتاؤهما زائدة ولا يقع في بابه لبس لأنه يعلم أنّه يفتعل ، وليس كذلك" ودّ" و" عدان".
ومن الشاذ أيضا : تقيت وهو يتقي ويتسع
وأصل تقيت : اتقيت على افتعلت ، فحذفوا التاء الأولى تخفيفا وهي فاء الفعل فبقيت تاء افتعلت ، وهي متحركة فسقطت ألف الوصل.
ومستقبله على هذا الحد : يتقي بحذف التاء الساكنة من يتقي ، والأمر فيه : تق الله ، والأصل : اتقّ الله ، فحذفت التاء الساكنة وسقطت ألف الوصل لتحرك التاء بعدها.
ويتسع مثله ، وأصله : يتسع.
وقوله : " وكانوا على هذا أجرأ لأنه موضع حذف وبدل" يعني أن التاء الأولى من يتقي ويتسع أولى بالحذف من السين الأولى من أحست ، ومست ، واللام الأولى من ظلت. لأن التاء الأولى واو وهي فاء الفعل من : وقى ، ووسع ويقع فيها حذف وبدل :
فأما الحذف ففي المستقبل إذا قلت : تقى ويسع.