النّكت
الجزء الأول
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وبه نستعين
وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله
الحمد لله الذي أوجب حمده على الحامدين له ، نعما تقتضيهم حمدها ، وألزمت معرفة العارفين به آلاء لا يحصون عدها. فكيف يؤدى شكر من له في شكره نعمة حادثة ، ومنة على أداء حقه فيها باعثة ، وصلّى الله على محمد خيرته من خلقه ، وصفوته من رسله ، صلاة زاكية نامية نحظى بها (ونسعد) بمزيتها.
قال أبو الحجاج رحمه الله :
أما بعد ، فالفوائد كثيرة متشعبة ، وشرف كل علم بقدر فائدته ، والفوائد ضربان :
ضرب ينال به عرض الدنيا ، وضرب ينال به ثواب الآخرة. ومن جمعهما ، فبين أن له فضلا لا يشاركه فيه إلا مثله ، ومزية لا يعدله فيها إلا عدله.
وقد علم العلماء أن كتاب أبي بشر عمرو بن عثمان المعروف بسيبويه ـ رحمه الله ـ أجمع ما ألف في اللسان العربي لإقامة حدوده ، ومعرفة أصوله وفروعه ، وفهم منظومه ومنثوره ، وجليه ومستوره ، وأصح ما وضع في إبانة أنحاء العرب ولغاتها ، ومراميها في كلامها وإشاراتها ، ومجازها واستعاراتها. وبقدر ترقي العالم في فهمه ، يترقى في علم التنزيل وحديث الرسول ، والتأويل لمشكلات الأقاويل.
ولم نر هذا اللسان العربي المبين منذ وضع هذا الكتاب يدور إلا عليه ، ولا يرجع المختلفون فيه إلا إليه ، فكم من متشابه من كتاب الله تعالى شرح ، ومشكل من حديث