ومعنى البيت : أنه أخبر أنه لا يؤخر أحدا بدينه ، يقال : أنسأته : أي أخرته. ومعنى متيسر ، أي لا يتسهل في معاملة.
قوله : «فإذا قلت : ما زيد منطلقا أبو عمرو» إلى قوله : «لأنك لم تجعل له سببا».
يعني أن «أبا زيد» إذا كانت كنيته : «أبا عمرو» لم يجز أن تقول : ما زيد منطلقا أبو عمرو ، كما جاز منطلقا أبوه ؛ لأن في «أبوه» هاء تعود إلى زيد ، ولا يشبه هذا قولك : ما زيد منطلقا زيد ؛ لأن زيدا الثاني هو الأول ، فكأنه ضمير ، ولا يجوز أن يكون خبر الأول إلا ما كان فيه ضميره ، أو كان الظاهر معادا بعينه.
وقوله : «لأنك لم تعرفه».
يعني أنك لم تعرف الأب بزيد ، فتقول أبوه ، أو أبو زيد.
«ولم تذكر له إظهارا ولا إضمارا».
يعني لم تذكر لزيد.
واستشهد سيبويه ـ على الرفع فيما كان الثاني فيه أجنبيا غريبا من الأول ـ بقول الأعور الشني.
* هون عليك فإن الأمور |
|
بكف الإله مقاديرها |
فليس بآتيك منهيها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها (١) |
قوله : «منهيّها» : اسم ليس : والضمير الذي فيها ضمير «الأمور» ، فكأنه قال : ليس يأتيك منهي الأمور. وخبر «ليس» قوله «بآتيك» وقوله : «ولا قاصر عنك مأمورها». «مأمور» مضاف إلي الأمور إلى اسم «ليس» فهو أجنبي منه.
فإن قال قائل : لم اسشهد سيبويه بهذا الإبطال النصب في ما كان أجنبيا في باب «ما» ، والنصب في البيت جائز ؛ لأنه ليس يقدم خبرها على اسمها؟
ففي ذلك جوابان :
ـ أحدهما : أنه أنشد البيت ليرينا كيف حكم «ما» لو كانت مكان ليس في البيت الذي أنشده ، وهو يحكى عن أبي العباس.
ـ والجواب الثاني : أنه أنشد البيت ليرينا أن الجملة الثانية غريبة من الجملة الأولى لما لم يكن الضمير الذي في الجملة الثانية ضمير الاسم الأول ، وإنما هو ضمير ما أضيف إليه كما كان ذلك في المسألة الأولى.
قوله : «وجره قوم» إلى قوله : «فهو بعضها».
اعلم أنه سيبويه لا يجيز : ليس زيد بقائم ولا قاعد عمرو ، ويجيز : ليس زيد بقاعد ولا
__________________
(١) المقتضب (٤ / ١٩٦ ـ ٢٠٠) ، شرح النحاس ٨٠ ، شرح السيرافي ٢ / ٣٨٧.