ومن قال : «ومن جول الطوى ، أراد : أن ما رماني به رجع عليه ؛ لأن من رمى من بئر رجعت رميته عليه».
والجول والجال : ما حول البئر ، ويقال : إنه من أحكم ما قالت العرب.
قوله : «ولو أعملت الأول لقلت : مررت ومر بي زيد» إلى قوله : «إذ لم ينقض».
يعني أن قولك : «مررت ومر بي زيد» أجود ؛ لأن «زيد» أقرب إلى الفعل الثاني.
قال الفرزدق في إعمال الثاني :
* ولكن نصفا لو سببت وسبني |
|
بنو عبد شمس من مناف وهاشم (١) |
ولو أعمل الأول في غير الشعر لقال : سببت وسبوني بني عبد شمس.
وقال الطفيل :
* وكمتا مدمّاة كأن متونها |
|
جرى فوقها واستشعرت لون مذهب (٢) |
فأعمل الثاني. ولو أعمل الأول لقال : جرى فوقها واستشعرته لون مذهب.
والكمت : جمع كميت ، وكأنه بناه على أكمت ، وإن كان لا يقال. والمدماة : التي غلبت عليها الحمرة. واستشعرت : صار لها شعارا وهو ثوب يلي الجسد.
وقال رجل من باهلة :
* ولقد أرى تغنى به سيفانة |
|
تصبي الحليم ومثلها أصباه (٣) |
أعمل «تغنى» ولو أعمل «ترى» لقال : سيفانة.
والسيفانة : المهفهفة الممشوقة ، كأنها شبهت بالسيف. ومثلها أصباه ، يعني : مثل السيفانة أصباه ، يعني الحليم.
وأنشد لعمر بن أبي ربيعة ، وقال الأصمعي هو لطفيل :
* إذا هي لم تستك بعود أراكة |
|
تنخل فاستاكت به عود إسحل (٤) |
أراد : تنخّل عود إسحل فاستاكت به.
ومعنى تنخل : اختير. والأراك : شجر.
ومعنى قوله بعد هذا : «لأنه أضمر في الكلام».
معنى أنه شغله بضمير الآخر وأضمر الاسم الذي بعده فحمل الاسم على الفعل الأول.
فلو لم يشغله بضميره لأعمله فيه وأضمره في الأول ، فقال : (تنخل فاستاكت بعود إسحل).
__________________
(١) المقتضب ٤ / ٧٤ ، شرح النحاس ٣٥ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٥٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٩١.
(٢) ديوان طفيل ٧ ، شرح الأعلم ١ / ٣٩ ، المقتضب ٤ / ٧٥ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٥٢.
(٣) شرح الأعلم ١ / ٣٩ ، المقتضب ٤ / ٧٥ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٥٣.
(٤) ديوان عمر ٤٩٠ ، ديوان طفيل ٣٧ ، شرح الأعلم ١ / ٤٠ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٨٧.