وقال المرار الأسدي :
* فرد على الفؤاد هوى عميدا |
|
وسوئل لو يبين لنا السؤالا |
وقد نغنى بها ونرى عصورا |
|
بها يقتدننا الخرد الخدالا (١) |
أراد : ونرى الخرد الخدال بها يقتدننا في عصور ، وأعمل الفعل الأول في الخرد وهو «نرى».
ولو أعمل الثاني لقال : بها يقتادنا الخرد الخدال.
قوله : هوى عميدا ، أي : شديدا. وواحد الخرد : خريدة وهي : الحيية. وواحد الخدال : خدلة وهي الناعمة. والعصر : الدهور ، واحدها : عصر وعصر ، ونصبه على الظرف.
وأنشد لامرئ القيس :
* فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفاني ـ ولم أطلب ـ قليل من المال (٢) |
فرفع قليل بكفاني ولم ينصبه بأطلب ؛ لأن امرئ القيس إنما أراد : لو سعيت لمنزلة دنية كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك ، وعلى ذلك معنى الشعر.
قوله : «وترك ذلك أحسن وأجود للبيان الذي يجيء بعده»
في هذا وجهان :
ـ أحدهما : ما قاله بعض النحويين : إن شيئا من الكلام قد سقط وإن تمامه :
«وترك ذلك جائز ، وذكره أجود وأحسن للبيان الذي جاء بعده» يعني : وترك ضمير الجماعة جائز وإبانة ضميرهم أجود لذكر الجماعة التي تأتي من بعد.
ـ والوجه الثاني : أن يكون المعنى وترك استعمال الحرف أحسن وأجود ، وهو جائز للبيان الذي يجيء بعده.
قوله : «وقولهم : هو أظرف الفتيان وأجمله لا يقاس عليه» إلى قوله : «هذا غلام القوم وصاحبه لم يحسن».
يريد أن قولنا : هذا أظرف الفتيان وأجمله ، أجود من ضربني وضربت قومك من قبل أنك تقول : هذا أظرف فتى ، فيكون بمعنى : أظرف الفتيان.
فلما كان الواحد في هذا الموضع يقع موقع الجماعة ، جاز أن يضمر بعد الجماعة واحد ، وحسن ، ولم يحسن في : ضربني وضربت قومك إلا أنه مع قبحه جائز.
باب ما يكون فيه الاسم مبنيّا على الفعل
اعلم أن بناء الشيء على الشيء كثيرا ما يدور في كلام سيبويه ، فإذا قلت : بنيت الاسم على الفعل ، فمعناه : جعلت الفعل عاملا في الاسم كقولك : ضرب زيد عمرا.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ٤٠ ، المقتضب ٤ / ٧٦ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٥٧.
(٢) شرح الأعلم ١ / ٤١ ، الإنصاف ١ / ٨٤ ، شرح النحاس ٣٥ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٥٩.