فإذا قال لك : بنيت الفعل على الاسم ، فمعناه : جعلت الفعل وما يتصل به خبرا عن الاسم المبتدأ ، كقولك : زيد ضربته.
وجملة الأمر : أن الذي حكمه أن يكون مؤخرا ، مبني على ما حكمه أن يكون مقدما ـ عمل في اللفظ أو لم يعمل ـ إذا كان أحدهما يحتاج إلى الآخر.
وقد ذهب سيبويه إلى أنك إذا قلت : لو أن زيدا عندنا لأكرمناه ، أن «أن» التي بعد «لو» مبنية على «لو» وإن كانت «لو» غير عاملة فيها ؛ لأن حكم «لو» أن تكون مقدمة على «أن» ولا يستغنى عنها.
قال سيبويه ـ بعد أن ذكر وجه الرفع والنصب في قولك : زيد ضربته : «وأنشدوا هذا البيت على الرفع والنصب قال بشر بن أبي خازم».
* فأما تميم تميم بن مرّ |
|
فألفاهم القوم روبي نياما (١) |
الروبى : المستثقلون نوما. الواحد رائب.
قال : «ومثله قول الآخر وهو ذو الرمة» :
* إذا ابن أبي موسى بلال بلغته |
|
فقام بفأس بين وصليك جازر (٢) |
فالنصب عربي ـ كثير ، والرفع أجود
أراد في قوله : زيدا ضربته.
وأما قول ذي الرمة : فإن الاختيار فيه النصب ؛ لأن «إذا» فيها معنى المجازاة ، فهي بالفعل أولى.
وقوله : فقام بفأس ، هو دعاء على ناقته ، فلذلك ، ما دخلت عليه الفاء ، كما تقول : إن أتاني زيد فأحسن الله جزاءه ، ولو كان خبرا لم تدخل عليه الفاء.
قوله : «ومثل هذا في البناء على الفعل وبناء الفعل عليه : أنهم يقولون : أيهم تر يأتك ، وأيهم تره يأتك».
يعني أنك إذا قلت : أيهم تر يأتك ، نصبت «أيهم تر» ، كما تقول : زيدا ضربت.
وإذا قلت : أيهم تراه ، كان الاختيار الرفع ، كما كان في قولك : زيد ضربته. ويجوز فيه النصب بإضمار فعل كأنك قلت : أيهم تر تره يأتك ، تقدر الفعل بعدها ؛ لأنها في الاستفهام والمجازاة لا تقع إلا صدرا.
هذا باب ما يجري مما يكون ظرفا هذا المجرى
اعلم أن الظروف المتمكنة إذا انتصبت ، كان لك في نصبها وجهان :
__________________
(١) ديوان بشر ١٩٠ ، شرح الأعلم ١ / ٤٢ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٦٨ ، اللسان ١ / ٤٤١.
(٢) ديوانه ٥٢٣ ، معاني القرآن ١ / ٢٤١ ، المقتضب ٢ / ٧٧ ، الكامل ١ / ١٣٠.