ـ أحدهما : أن تنصبها من طريق الظرف فتكون مقدرا لفي وإن كانت محذوفة.
والوجه الثاني : أن يقدر وصول الفعل إليها بلا تقدير «في» ، وهذا هو المفعول على سعة الكلام ، فإذا شغلت الفعل عنه ، وقد قدرته تقدير الظرف قلت : يوم الجمعة قمت فيه. وإن قدرته على سعة الكلام قلت : يوم الجمعة قمت.
قوله : «ولا يحسن في الكلام أن يجعل الفعل مبنيّا على الاسم ولا يذكر علامة الأول» إلى قوله : «حتى يمتنع من أن يعمل فيه».
يعني أنك إذا جعلت الاسم مبتدأ ، وجعلت الفعل خبرا ، فالوجه أن تظهر الضمير الذي يعود على الاسم حتى يخرج الفعل من لفظ ما يعمل في الأول. يعني أنه قبيح أن تقول : زيد ضربت ؛ لأن ضربت في لفظ ما يعمل في زيد لحذفك الضمير في اللفظ.
قال : «ولكنه قد يجوز في الشعر ، وهو في الكلام ضعيف ، قال أبو النجم» :
* قد أصبحت أم الخيار تدعي |
|
عليّ ذنبا كلّه لم أصنع (١) |
قال : «فهذا ضعيف وهو بمنزلته في غير الشعر ، لأن النصب لا يكسر البيت».
يعني أن إضمار الهاء إذا قلت : زيد ضربت ، جائز في الكلام على قبح ، والدليل على جوازه أن الشاعر لو قال : كلّه لم أصنع ، استقام البيت ولم ينكسر.
وأنشد قول امرئ القيس :
* فأقبلت زحفا على الركبتين |
|
فثوب نسيت وثوب أجر (٢) |
ولم يقل : أجره ، ولم ينصب : الثوب.
وقوله : «فأقبلت زحفا على الركبتين».
مثل قوله :
شمرت إليها بعد ما نام أهلها
وقوله : «فثوب نسيت»
كقوله :
لعوب تنسّيني إذا قمت سربالي.
وقال النمر :
* فيوم علينا ويوم لنا |
|
ويوم نساء ويوم نسر (٣) |
أراد : يوم نساء فيه أو نساؤه ، فأضمر الهاء ولم ينصب يوما.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ٤٤ ، معاني القرآن ٢ / ٩٥ ، المقتضب ٤ / ٢٥٢ ، شرح النحاس (٣٩ ـ ١٠٣).
(٢) ديوان امرئ القيس ٧٠ ، شرح النحاس ٤٠ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٨٠.
(٣) شعر النمر ٥٧ ، شرح الأعلم ١ / ٤٤ ، شرح النحاس ٣٩ ـ ١٠٤.