قال : «وزعموا أن بعض العرب يقول : شهر ثرى وشهر ترى. وشهر مرعى» ، يريدون : ترى فيه.
فرفع الشهر ، ولم يعمل فيه «ترى» للضمير الذي قدره.
ومعنى هذا : شهر ثرى : أي شهر تتندى فيه الأرض من المطر. وتتثرى ، والثرى ، هو الندى.
وشهر ترى ، أي ترى فيه النبات ، وشهر مرعى ، أي : يرعى فيه المال.
وأنشد :
* ثلاث كلهن قتلت عمدا |
|
فأخزى الله رابعة تعود (١) |
على معنى : قتلتهن.
وأنشد لجرير :
* أبحت حمى تهامة بعد نجد |
|
وما شيء حميت بمستباح (٢) |
استشهد به على حذف الهاء من الفعل إذا كان صفة وشبهها في الحذف بما حذف من الصلة.
ولا يجوز أن ينصب شيء بحميت ؛ لأنه لو وقع ذلك لوجب أن يقول : «وما شيئا حميت مستباحا» ويكون «مستباحا» نعتا «لشيء» والنعت لا تكون فيه الباء زائدة ، وكان ينقلب أيضا معنى المدح ؛ لأنه كان يصير التقدير : وما حميت شيئا مستباحا ، أي : حميت شيئا محميّا ، وليس فيه مدح.
وقال :
* فما أدري أغيرهم تناء |
|
وطول العهد أم مال أصابوا (٣) |
أراد : أصابوه ، والمال عطف على تناء ، ولا يجوز ما لا أصابوا ، كما لم يجز النصب في قوله : الذي رأيت زيد ؛ لأن رأيت من صلة الذي والصلة لا يجوز أن تعملها في الموصول ، والنعت مشبه بالصلة.
ووجه امتناع عمل النعت في المنعوت أنه تابع لا يقع إلا بعده ، فلو عمل فيه لقدر قبله ، والنعت لا يكون قبل المنعوت ؛ لأن حكمه أن يكون قبل المعمول فيه ولهذا جرى النعت مجرى الصفة.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ٤٤ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٨٢ ، الخزانة ١ / ٣٦٦.
(٢) ديوان جرير ١ / ٩٩ ، شرح الأعلم ١ / ٤٥ ، شرح النحاس ٣٩ ـ ١٠٤.
(٣) البيت للحارس بن كلدة ، شرح الأعلم ١ / ٤٥ ـ ٦٦ ، شرح النحاس ١٠٥ ، شرح السيرافي ٢ / ٤٨٢.