قيل له : لأن المعنى الذي من أجله يختار إضمار الفعل بعد حروف الاستفهام هو موجد في هذه الحروف ؛ لأن حكمها أن تدخل على الأفعال لا غير ، فمتى وليها الاسم أضمر بعدها الفعل كما يفعل بحروف الاستفهام ، فحرف الاستفهام مشاكل لهذه الحروف.
قوله : «وهو في هذه أحسن ؛ لأنه يبتدأ بعدها الأسماء».
يعني تقديم الاسم في حروف الاستفهام أحسن من تقديمه في «قد» ؛ لأن حروف الاستفهام يليها المبتدأ والخبر ، و «قد» لا يليها إلا الفعل.
قوله : «وإنما فعلوا ذلك بالاستفهام لأنه كالأمر» إلى قوله : «أمرا لم يستقر عند السائل».
أراد أن الاستفهام يشبه الأمر ، وذلك أنك تستفهم عن أمر يجوز عندك أن يكون موجودا وأن يكون معدوما ، وتأمر بشيء يجوز أن يفعل ولا يفعل ، فلما كان الأمر لا يكون إلا بفعل ، اختاروا أن يكون الاستفهام بفعل.
قوله : «وقد يصير معنى حديثها إليه».
يعني إذا قلت : أين زيد آته؟ ـ فقولك «آته» مجازاة وصار الاستفهام نائبا عن شرطه ـ فقد صار معنى حديث الاستفهام إلى الجر. ويعني بالحديث هنا : لفظ الاستفهام الذي يؤول معناه إلى الجزاء ، وليس بحديث في الحقيقة ؛ لأن الحديث ما كان خبرا.
وشبه سيبويه الألف «بهلا» من قبل أنك تقول : أزيد ضربته؟ كما تقول : هلا زيد ضربته ، فشبه الألف بهلا في إيلاء الاسم إياها وبينهما فرق ، وذلك أن ألف الاستفهام قد يجوز أن يليها الاسم المبتدأ ، ولا يجوز أن يلي «هلا» ؛ لأنها جعلت للفعل فقط. ولكن لهلا قوة على الحروف التي يليها الفعل جاز من أجلها تقديم الاسم على الفعل.
وقوتها على سائر الحروف أنها مضارعة للأمر بمعنى التحضيض التي تضمنته ، فكما جاز تقديم الاسم على فعل الأمر في قولك : زيدا اضربه ، جاز في : هلا زيدا ضربته ؛ لتصرف الفعل وعمله في المقدم والمؤخر.
هذا باب ما ينتصب في الألف
تقول : «أعبد الله ضربته؟ ، وأزيدا مررت به؟ ، وأعمرا قتلت أخاه؟».
قد قدمنا أن حرف الاستفهام بالفعل أولى ؛ لأن المستفهم لا يشك في الاسم ، إنما يشك في الفعل ، فأولوها المعنى الذي دخلت له.
قوله : «كما فعلت ذلك فيما نصبته في هذه الحروف في غير الاستفهام».
يعني : أضمرت فعلا بنصب الاسم في الاستفهام كما أضمرت في قولك : زيدا ضربته.
ولم يرد بقوله : «في هذه الحروف» حروف المعاني ، إنما أراد الأسماء والأفعال التي أشار إليها.