وأنشد :
* أثعلبة الفوارس أم رياحا |
|
عدلت بهم طهيّة والخشابا (١) |
أراد : أذكرت ثعلبة الفوارس أو قست أو مثلت ، وما يقارب الفعل المذكور مما يتعدى بغير حرف جر.
وأراد بثعلبة : القبيلة ، فلذلك ، نعتها بجمع. وطهية والخشاب قبيلتان.
قال : «ومثل ذلك : أعبد الله كنت مثله؟ وأزيدا لست مثله؟».
اعلم أن (كان) بمنزلة ضرب في التصرف والعمل. فقولك : كنت زيدا ، بمنزلة : ضربت زيدا. وقولك : مثل زيد بمنزلة قولك : ضربت مثل زيد ، فإذا قلت : أعبد الله كنت مثله؟ ، فهو كقولك : أعبد الله ضربت مثله؟ وضربت أخاه و «ليس» هي بمنزلة «كان» وإن كان لا تتصرف.
وقد فهم من قول سيبويه في هذا الموضع أنه يجيز : قائما ليس زيد ، ويقدم خبر ليس عليها.
وإنما منع ليس من التصرف في نفسها أن معناها في زمان واحد ، وهو أنها تنفي الحال ، فاستغنى عن أن يؤتى منها بمستقبل.
وإنما عرف أن هذا من مذهبه ، وتؤول عليه جوازه أنه قد سوى بين : لست مثله ، وبين : أزيدا كنت أخاه؟ فلو أسقطت المثل قلت : أزيدا لست؟ كما تقول : أزيدا كنت ، فاعلمه ؛ لأن الفعل الظاهر لا يكون تفسيرا لمضمر يعمل في الأول حتى يصلح فيه أن يحذف ما اشتغل به ، فيعمل هو بنفسه فيما قبله. والدليل على ذلك أنك لو قلت : أزيدا أنت الضاربه؟ لم يجز نصب زيد ؛ لأن الضاربه لا يعمل فيما قبله ، فكذلك لا يكون (ناصبا) لغيره.
قوله : «وتقول : أعبد الله ضرب أخوه غلامه» إلى قوله : «وإن جعلته كزيد فاعلا».
فالأول نصب. جملة هذا الكلام أن الاسم الذي يلي حرف الاستفهام إذا أتى بعده سببان له ، أحدهما فاعل والآخر مفعول ، فلا بد من حمله على أحدهما ، ولا يمكن حمله عليهما ؛ لأنه لا يكون مرفوعا منصوبا في حال واحدة.
فإن حملته على أحدهما صار الآخر كأنه أجنبي. فإن حملته على السبب المرفوع رفعته ، وإن حملته على السبب المنصوب نصبته.
قال : «وتقول السوط ضرب به زيد وكذلك : الخوان أكل عليه اللحم».
__________________
(١) ديوانه ١ / ٦٦ ، شرح الأعلم ١ / ٥٢ ، شرح النحاس ٨٤ ، شرح السيرافي ٢ / ٥٣٩.