وقوله : «فشبهت ما لا يحسن في التقديم بهذا الذي يحسن».
يعني : شبهت : ألخوان أكل عليه اللحم؟ وأزيدا مررت به؟ بقولك : آلخوان أكل اللحم؟ وأزيدا لقي عمرو؟.
وقوله : «وأما غير المنفصلة فلم يكن فيها شيء تشبه به».
يعني : أزيدا لم يضرب؟ إذا عديت ضمير زيد إليه.
وقولك : لم يضربه زيد ـ إذا عديت فعل زيد إلى ضميره ـ ليس بشيء يشبه به من الأفعال ؛ لأن الأفعال كلها لا يجوز فيها ذلك.
قال سيبويه في «إذ» و «حيث» والرفع بعدهما جائز ؛ لأنك قد تبتدئ الاسم بعدهما إلى قوله : «واجلس إذ عبد الله جالس».
اعلم أنه قد أجاز الرفع بعدهما بالابتداء.
ـ فأما «حيث» فلا شك في جواز ذلك فيها ؛ لأنها قد تخرج عن معنى الجزاء إلى أن يبتدأ ما بعدها كقولك : لقيته حيث زيد جالس ، فيكون نظيرها من الزمان «إذ» كقولك : لقيته إذ زيد جالس.
ـ وأما «إذ» فلا تقع إلا للمستقبل ولا تنفك عن المجازاة.
فقال قائلون : متى وليها الاسم ، فلا بد من أن يكون بعدها الفعل مقدرا كما يكون بعد حرف الشرط ، وما يقوي أنها لا بد من فعل بعدها ، أنك تقول : اجلس إذا عبد الله جالس.
وللمحتج عن سيبويه أن يقول : لما كانت «إذ» غير عاملة في الفعل كعمل «إن» جاز أن يقع بعدها الابتداء ويصح لها معنى المجازاة بالفعل الذي بعد الاسم المبتدأ كما أن «لو» بالفعل أولى ، وفيها معنى الجزاء.
فإذا قلت الفعل الذي هو خبر «أن» يصحح لها معنى المجازاة.
وللمحتج على سيبويه أن يقول : «أن» مرفوعة بفعل مضمر ، والتقدير لو وقع مجيئك.
وللمحتج عن سيبويه أن يقول : لو كان الأمر كذلك لجاز لي : أن زيدا قائم أترناك ، على معنى : لو وقع هذا.
وذكر سيبويه في هذا الباب أن وقوع المستقبل بعد إذ في قولك : جئتك إذ زيد يقوم ، أحسن من الماضي ، وأن الماضي بعد «إذا» في قولك : إذا زيد قام ، أحسن من المستقبل.
والفرق بينهما أن وقوع الاسم المشتق من الفعل في قولك : إذ زيد قائم ، حسن ؛ لأنه واجب ، لا معنى فيه للشرط ، فلما وضعت الفعل موضع الاسم كان المضارع أولى من غيره ، وإذا قلت : إذا زيد قام قمت ، فوقوع «قائم» بعد «إذا» لا يجوز لما فيها من معنى الشرط الذي لا يكون إلا بالفعل.