حيث الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يتطلّب في صلواته ليل نهار هدي الصراط المستقيم ، فضلا عمن دونه في صراطه.
٨ ـ ام هي ـ أخيرا ـ صراط الجنة الأخرى على هدي الجنة الأولى ، التي هي جنّة عن كل ضلالة في الأولى والأخرى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) (٧ : ٤٣) وهي في الأخرى جنتان ثانيتهما وأولاهما جنة المعرفة والرضوان: (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ).
فبالسبعة الأخيرة من هذه الثمان : ـ عدد أبواب الجنان ـ نغلق أبواب النيران ونفتح أبواب الجنة الثمان : فأولى الهدى هي الفطرة والعقل ، غير مكسوفة بطوع الهوى ، وأخراها هي لمن بلغوا الذروة من الرعيل الأعلى وبينهما متوسطات ، ولكلّ نصيب مما كسبوا وما ربك بظلام للعبيد ، والعطيّات حسب القابليات ، والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ، فما من أحد إلّا وهو يحتاج هدي الصراط المستقيم.
ولماذا نطلب هداية الصراط المستقيم ، دون الهداية «إلى» أم «على» أم «ل»؟ علّه لأن الهداية «إلى» لا تعم الهداية «على» وهي الحيطة الشاملة على الصراط المستقيم ، فإنها واقع الهدى ، لا السبيل إليها والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو على صراط مستقيم ، مهما كان إليه في البداية : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً ..) (٦ : ١٦١) فقد كان إليه ثم أصبح عليه فكيف يتطلّب «اهدنا إلى او على الصراط المستقيم»! ثم الهداية «على» تخص أهلها الخصوص ، والهداية «ل» أمر بين أمرين ، ودعاء الهداية في الصلاة تعم عامة المصلين ، وأما هدى الصراط المستقيم فهو يعم مثلث الهدى!