وإن كانت هذه السبع بين درجات ثلاث من أصل الصراط المستقيم ، كالعبودية الخالصة لله ، والإسلام له والتوحيد الخالص ، والمعرفة به ومن الذرايع إليه ، وهي إلى الصراط المستقيم ، كالإيمان والاعتصام بالله وعبوديته على ضوء القرآن بنبي القرآن ، ومن الظرف الصالح له كالصورة الإنسانية ، فإنها راحلة للسالك ، فكيف تطرق الطريق دون أيّة راحلة صالحة ، والعبودية وسيلة هي أحرى منها غاية ، حيث الغاية هي الزلفى والمعرفة ، ولكن العبودية هي لزامها على طول الخط ، فكلما ازدادت العبودية ازدادت المعرفة وكلما ازدادت المعرفة ازدادت العبودية.
فإسلام التوحيد وتوحيد الإسلام بمعرفة وعبودية قمة هي الغاية المقصودة ، وغيرها بين ظرف ووسيلة.
فالإسلام التام هو العبودية التامة ، والتوحيد التام هو المعرفة التامة.
ف (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) يمثّل الأولى الغاية ، و (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الثانية الوسيلة ، والعبد يمثّل الظرف : الثالثة ، بالفطرة والعقلية السليمة حيث تتقبل هذه وتلك.
ولأن النص هنا (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) فقد يشمل مثلث الصراط بمسبّعه ، به وإليه وإياه ، فأكمل بها دعاء وأجمل.
ثم فاعتراف الجمع في «نعبد ونستعين» والدعاء للجمع في (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ذلك الجمع المثلث هو قاعدة الإيمان الجماعي التي تمثّل جامعية الإسلام واجتماعيته ، حتى وفي صلاته حيث تضم ضمن الصلاة لله صلات بعباد الله :