فالقرآن بذاته (لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ولكن : إذا لم تكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر!
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ) : شك كأنه مسنود الى دليل ، ولا يملك أي دليل ، بل الأدلة الذاتية من القرآن نفسه تؤكد أنه نازل بعلم الله .. (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ..) ولكي تثبتوا أنه اختلاق خلقي وليس من الخالق في شيء (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) إذ لا مثيل له وحتى لسورة منه من كتابات السماء ، ولا مثيل لمن انزل إليه أن يأتي بمثله ، (فَاتَّقُوا النَّارَ ..)!
و (مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) تلمح ان العبودية هي الظرف الصالح لنزول الوحي ، لا سواها من طرق بشرية ، وما أجمله تعبيرا «عبدنا» في مثلث المعنى من «عبد» ـ «نا» وحروفه الثلاثة عند اهل المعرفة «فالعين علمه بالله تعالى والباء بونه عما سوى الله ، والدال دنوه من الله بلا كيف ولا حجاب» (١).
«فاتوا» إن كنتم كتابيين فمن كتب السماء ، وان كنتم مشركين ناكرين لها (فَأْتُوا بِسُورَةٍ) كسورة منه «من مثل عبدنا» في أميته ام وفي بشريته ، او كونه خلقا أيا كان (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : في ريبكم : فإنه شك مسنود إلى دليل وليس لكم أيّ دليل!
هنا يتحدى (بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) واخرى (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٠ : ٣٨) ومماثلة سورة من غير القرآن لسورة من القرآن مماثلة للقرآن كله ، والتحدي قائم في مثلث : سورة ـ عشر سور ـ القرآن
__________________
(١) مصباح الشريعة عن الإمام الصادق (عليه السلام).