ودلالة على ما يرام منها هدى ورحمة للمؤمنين وتذكرة للكافرين (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ)!
فلا ضلال في المثال ، ولا من الله الذي يضربه لتقريب الحق ، وإنما في «الفاسقين» حيث يبدلون نعمة الله كفرا ، فليس من الله دفع إلى ضلال ، اللهم إلّا تركا لمن يهرع الى ضلال ، ثم ختما على قلبه فيزيد ضلالا على ضلال : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ) إن في تركه فلا موفّق إلّا الله ، او في ختمه فلا رادّ لأمر الله.
كلام حول الضلال والهدى :
نرى عشرات من آيات الله البينات تنسب الإضلال الى الله كما تنسب إليه الهدى : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٣٥ : ٨) ولكنما المشية الإلهية ، الحكيمة العادلة ، لا تتعلق بإضلال المهتدين ، ولا الحائرين المتحرّين عن الهدى ، فلا نجد آية تحمل من إضلال الله من شيء إلّا بالنسبة للزائغين : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) الظالمين : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) (١٤ : ٢٧) والفاسقين : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) والكافرين : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) (٤٠ : ٧٤) او كل مسرف مرتاب: (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) (٤٠ : ٣٤) : إضلال بما زلّوا وضلوا من قبل ، لا بمعنى الدفع الى الضلال قبل بيان الهدى ، وانما تركا لهم يفعلون ما يريدون بعد الإياس من هداهم : (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٠ : ١١١) تعبيرا عن تركه لهم بإضلالهم إذ لم يحملهم على الهدى تسييرا : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧ : ١٨٦) (وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) (٩ : ٤٥).
ثم وبما يمدّهم في أعمار وأموال وبنين : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي