بذلك يسلّمها مقاليد الخلافة الأخيرة السامية ، وكرسي التعليم للملائكة؟!
إنه كله في (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ ...) فانظر ماذا ترى!
فهل الأسماء هنا هي ـ فقط. ـ أسماء الأشخاص والأشياء؟ و «هم» و «هؤلاء» لا تعنيان إلّا ذوات عقلاء! (ثُمَّ عَرَضَهُمْ ... بِأَسْماءِ هؤُلاءِ)! ومن ثمّ وما قيمة علم هذه الأسماء وكثيرون يعلمون كثيرا من الأسماء وليسوا بأفضل ممن لا يعلمونها ، ولو أن الملائكة علّمتها كما علّم آدم لكانت مثل آدم كما آدم أنبأهم بها بما أمر الله.
فليس علم هذه الأسماء مما يتفاضل فيه ، ولا أنه جناح من جناحي العلم بالله وتقوى الله ، وهذه الأسماء إنما يحتاج إليها في تفاهم مسمياتها ، والملائكة يتلقونها دون وسائط ، ولا يحتاجونها كما يحتاجها الإنسان في الحاجيات الجماعية الأرضية!
أو انها المسميات ، حيث الاسم من الوسم (١) : العلامة ـ الدلالة ، ودلالات الأسماء اللفظية على المدلولات هي من أضعف الدلالات ، فأعلى منها دلالات الذوات والأفعال والصفات على مدلولاتها فيما بينها ، ثم
__________________
(١) هذا احد وجهى الاسم أصلا وقيل أصله سمو من السموّ : العلوّ ، لان تصغيره سمي ، فلو كان من وسم : العلامة ، لكان تصغيره وسيم ، والعلامة انسب له معنى ، والعلوّ لفظا ، وعلّهما معنيّان أحيانا وأحدهما أحرى ، او يقال ان الاسم السمو يناسبه معنويا كما اللفظي فانه يعرف به ذات الشيء ، فبه يرفع المسمى عن حضيض المجهول ، ولكل وجه ، والأوجه ان السماء من السمو : العلو والرفعة ، والاسم من وسم : العلامة ، او ومن السمو ايضا.
ثم الاسم قد يكون مأخوذا من «شما» آرامية وعبرية ، وهي تستقل عن مادة السماء : الرفعة ، وذكرها في مادة السمو غفلة عن تحقيق اصل الكلمة.