لذلك (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) : أسماء هؤلاء الخلفاء كلها ، وذواتهم بأشباحهم كلهم ، تجنيدا وعرضا لآدم أوّلا لكي يعرف موقعه أنه يحمل في صلبه هذه الأمانات الغالية ، وللملائكة لكي يعلموا : (إِنِّي أَعْلَمُ) من هذه الخليفة (ما لا تَعْلَمُونَ) فهناك البون الشاسع بينكم وبينه لحدّ لا تعرّفون حقائقهم إذ لا تتمكنون ، حيث هم في الذروة العليا ، وما أنتم بها حتى تحيطوها معرفة وعلما ، فانما أنبئتم بأسمائهم لكي تتعرفوا حسب المستطاع إلى ذواتهم. قدر ما تعلمون : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ)!
فالأسماء الذوات هي المعروضة هنا على ملائكة السماوات ، : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) دون «عرضها» حيث العرض للذوات ، ودون «عرفهم الملائكة» حيث العرض لمنظر من الأشباح ، لا حقائقها كلها ـ لان هؤلاء من غيب السماوات والأرض : (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهم ـ او معظمهم ـ رجالات الله : النبيين والمرسلين : حقائق عاقلة محجوبة تحت حجاب الغيب : غيب السماوات والأرض ، كشف الله لآدم منها أسماء وذوات ، وأنبأ الملائكة بأسمائها بآدم ، ولكن ترى : إنباء الأسماء فقط دون اي كشف عن حقائقها؟ إذا فكيف عرفت الملائكة فضلهم ، وعرفت فضل آدم بما علّمهم دونهم!.
فليكن في عرض هؤلاء الذوات على الملائكة ، وإنبائهم بأسمائهم ـ ليكن في هذا الإنباء وذلك العرض تعريف مّا بالذوات ، يكفي لهم إقناعا : أنهم هم الأفضلون في الفضائل كلها ، لحد لا يحيطون ـ وحتى ـ معرفة بجنابهم وعلما بذواتهم كما يحق.
فهنا تعليم وعرض وإنباء خص آدم بتعليم الأسماء والذوات ، وهو