الله ، ولا يوفق إلّا من أراده وحاول له ، ثم لا يقبلها إلّا إذا أتى بها على وجهها ، وتلقي الكلمات هو تعليم له كيف يتوب بتوفيق منه ، وتلقّن لها علما وحالا وعملا (فَتابَ عَلَيْهِ).
فهذا التلقي يحمل إلقاء من الله تعليما وتوفيقا للحال والعمل ، وتقبلا من آدم إذ تحولت حاله وعمله (فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)!
فالعلم اليقين بالخطاء وبمقام الرب نور ، يؤجج نار الندم في القلب ، فيبعث اللسان والأعضاء الى التلافي ، وهذا المثلث هو التوبة الصالحة ، وأهمه قاعدته المتوسطة بين العلم والعمل وهي الندامة وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «الندم توبة».
ولكي ينجو الإنسان من فخاخ الشيطان فعليه أن يكون دائب التوبة حتى يرجع في هذه المعركة الدائبة بالخسار على الشيطان وقد سئال رجلّ عليا امير المؤمنين (عليه السلام) عن الرجل يذنب ثم يستغفر ثم يذنب ثم يستغفر فقال امير المؤمنين (عليه السلام) يستغفر أبدا حتى يكون الشيطان هو الخاسر فيقول : لا طاقة لي معه ، وقال : كلما قدرت أن تطرحه في ورطة وتتخلص منها فافعل (١).
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣٨).
٩ ـ ثم وما هي الهدى التي وعدها هذه الخليفة؟.
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٩) .. قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٣ : ٢٢ في المسألة الثامنة.