ازلهما ، وبعد ما تاب عليه ربه وهدى ، وكمال التوبة كان بتلقي الكلمات بعد الأمر الاوّل الجماعي بالهبوط هنا ، وكأنه يقول أنتما بعد قليل وتحقيق التوبة هابطان مع الشيطان ، إذا فلا عصيان ثانيا لآدم وزوجه ، وإنما إبليس هو الذي عصى ربه لحد الآن مرتين ـ : مرة إذا استكبر عن السجود لآدم «قال اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها» واخرى إذا أمر مع آدم وزوجه إذ أزلهما ، إذ كان امره غير أمرهما ، حيث هما كانت لهما مهلة تحقيق التوبة دونه ، أو أن التأكيد لأجل التكرار حيث ظنا أن توبتهما نسخت الأمر بالهبوط فأعاده الله تدليلا على ان الهبوط لزام العصيان ولو بعد التوبة ، ولأنه خلق خليفة في الأرض لا في السماء!.
ومهما يكن من شيء فالأمر الأخير بجماعية الهبوط يحمل تحقيقه تكوينا ، بجانب ما يحمل إيجابه تشريعا ، مهما كان آدم وزوجه مطيعان والشيطان عاصيا!.
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) : من الجنة بما يشقى : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى)
وقد خرجا من بعض ما فيه (وَلا تَعْرى) وهما بعد فيها ، حيث نزع عنهما لباسهما (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) ولكن لم يسمح لهما ، حيث (طَفِقا يَخْصِفانِ) دون «خصفا» كما وأن الخروج مما فيها يقتضيه ، إذ لا يخص بالخروج عنها ، وإنما (مِمَّا كانا فِيهِ) ومنه لباس الجنة ورقا وسواه ، فقد بقيا عريانين حتى أهبطا ، وقد تابا عريانين منكسرين ، وإنه أحرى بحالة التوبة وأجدى.
٥ ـ (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) توحي أن لو لا وسوسة الشيطان بذوق الشجرة لم تبدو لهما سوآتهما أبدا ، إذ كان لباس الجنة لهما لزاما ، كما ألبساه منذ خلقا وأدخلاها ، فظهور السوأة كان