عن المنكر في مجالاتها الأنسب طيات آياتها إنشاء الله تعالى.
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦))
هنا ـ وبعد أوامر ثمانية ونواهي أربعة متداخلة ، وتنديد ببني إسرائيل ـ يأمرهم الله بغية تحقيق الائتمار والانتهاء ، والتحليق على عوائقهما ، أن يستعينوا الله بالصبر والصلاة ، بجناحي السلب والإيجاب.
والصبر هو الصبر الاستقامة في الهزاهز ، والصمود عن نزوات الشهوات واللذائذ ، فرضا أم سواه ، دون اختصاص بصبر الصوم (١) وان كان هو من أفضل الصبر ، لبعده عن الرياء ، ونفيه او حصره للشهوات ، وهو سياج شامل لسائر الصبر بسائر مجالاته وجلواته ، كصبر على المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية» (٢).
إنه الصبر الجميل المتدرع درع الله الحصين في كل بأساء وضراء وحين البأس ، كطاقة صامدة سلبية تسلب عن الإنسان كل انتكاسة إيمانية في داخله أو خارجه ، ويعبّد له الطريق لخوض المعارك الإيجابية في سبيل الله ، فإنه شاق طويل ، ملي بالأشلاء والدماء ، بالعقبات والعقوبات ، والصبر
__________________
(١) إذ لو كان هو المعني فقط لأتي بلفظه الخاص «الصوم» لا ما يشمله وغيره ، فالأحاديث المفسرة له بالصوم من باب الجري وبيان الصداق الأجلى ، كما يرويه في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية : يعني بالصبر الصوم وقال : إذا نزلت بالرجل النازلة والشدة فليصم فان الله عز وجل يقول : واستعينوا بالصبر والصلاة ، ورواه مثله في الفقيه عنه (عليه السلام).
(٢) الدر المنثور ١ : ٦٦ ـ اخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر وابو الشيخ في الثواب والديلمي في مسند الفردوس عن علي قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).