تلتزم بصبغة الله دون الصبغة اليهودية او النصرانية ، وتلتزم يهدى الله تصديقا بكل رسالات الله وكل ما أنزل الله دون التجمد على طائفية كتابية : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٣٥).
وكما هو وسط في القبلة ، لا خصوص الكعبة ولا خصوص القدس ، بل هما معا مهما كانت الكعبة هي الأصيلة الدائبة ، وكما كانت قبلة لكافة الموحدين أحياء وأمواتا طول الزمن الرسالي.
(وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ ...) ١٤٣
(وَما جَعَلْنَا ...) فيها بيان الحكمة الحكيمة لجعل القبلة الابتلائية السابقة ، بلمحة أنها كانت مؤقتة لمصلحة وقتية ، وكأن الله يعتذر فيها الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) من جعل تلك القبلة ، وعلّه لم يسمّها تخفيضا لشأنها أمام الكعبة المباركة ، ولمحة في لمحات أن لم يبتدء الإسلام بها عند بزوغه ، وإلّا كان الحق الصحيح والفصيح ان يعبر عن القدس كقبلة وإن في مرة يتيمة ، ولا نجد في القرآن كله بيت عبادة ومتجه للصلوة إلّا الكعبة المشرفة ، تارة ك (أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) ـ وطبعا ليس للسكن ، فإنما للطواف حوله والصلاة تجاهه ـ وأخرى (مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) ومن مثابته : المقبل ، إقبالا إليه حجا له ، واستقبالا للصلاة إليه ، وثالثة يؤمر الخليل بتطهيره (لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وهذه الثالثة المعبرة عن الصلاة تعم الصلاة فيه أم في المسجد الحرام ، ثم في المعمورة كلها ، ومن ثم الكون كله ، أن يستقبلوا البيت الطاهر عن قذارات خبيثة ، وعن الرجس من الأوثان.
ولا موقع ل «لنعلم» إلا في ظرف التحول عن الكعبة الى القدس دون