الهوى في شرعة الحق ـ وبهذه الصورة القاسية ـ ليس في غضون الدعوة التي تتطلب لينة وجاذبية لهؤلاء القوم اللّدّ! ، والبداية بقبلة القدس هي من أعضل المشاكل صدا عن دخولهم في دين الله!.
نعم قد يروى شطر قليل من العهدين لقبلة القدس أن صلينا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا وصرفت القبلة الى الكعبة بعد دخوله الى المدينة بشهرين ... (١) وهو وسط بين الأمرين ، وفيه محنة لأهلي البلدين في العهدين.
هذا ـ وأما القبلة المدنية في بداية الهجرة فالجوّ اليهودي فيها كان يزيد ابتلاء لتحول القبلة إلى القدس ، فبرزوا بارزين من الناجحين في ذلك الامتحان العظيم كأعضاد للدولة الجديدة.
ثم لا معنى ل «لنعلم» في تحول القبلة ، إلا في تحولها عن الكعبة الى القدس ، حيث اتباع من اتبع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) ليس علامة الإيمان إلا هنا ، وأما اتباعه في التحول الى الكعبة بعد القدس فهو رغبة المسلمين أجمع ، وحتى أهل الكتاب الذين اسلموا فضلا عن أهل الحرم!.
(قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا
__________________
ـ الرسول ممن ينقلب على عقبيه الا لنعلم ذلك منه وجودا بعد ان علمناه سيوجد ، وذلك ان هوى ... ولما كان هوى اهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها والتوجه الى الكعبة ليبين من يوافق محمدا فيما كرهه فهو يصدقه ويوافقه ... فعرف ان الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفة هواه ... أقول : تفسير «لنعلم» يشبه تفسير المتفلسفين ، ثم وسائر مواضيع الحديث يشبه التقاطات ملفقة بين حق وباطل.
(١) الدر المنثور ١ : ١٤٦ ـ اخرج ابن ماجة عن البراء قال صلينا.