والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة للناس جميعا» (١) فان الحرم هو شطر المسجد الحرام للخارج عنه ، والضابطة امكانية استقبال القبلة دون عسر ولا حرج.
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٠).
(فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) تتكرر في مسرح التحويل ثلاث مرات ، ثم (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) مرتين ، فلما ذا هذا التكرار والصيغة نفس الصيغة دونما زائدة؟ علّه (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) وفي كل مرة من الثلاث فائدة زائدة تثبيتا للقبلة الجديدة ، ففي الأولى (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ) إخراجا لذلك التحويل عن الباطل.
وفي الثانية (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) تثبيتا لحقه كأنه هو الحق لا سواه ، فالقبلة المكية أصيلة ، وقبلة القدس ابتلائية فرعية.
وفي الثالثة (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ...) ثم وفي هذا التكرار بمختلف التلحيقات تأكيد أكيد لتداوم هذه القبلة ، وكما في تكرار (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) عدّه مرات ، تلحيقا بها لكل مقطع من مقاطع البيان لذكر نعم الرحمان ، ثم وفيها رابعة التأشيرات أن القبلة المكية هي الكعبة المباركة دون القدس ، حيث الابتلاء يقدّر بقدر الضرورة ، ولا سيما إذا كان فيه حجة على المبتلين ، فالضرورات تقدّر بقدرها ، وما هي الضرورة الابتلائية أن يكون
__________________
(١) وسائل الشيعة أبواب القبلة ب ٣ ح ١ و ٣.