فأسطورة اللّانهائية في العذاب كشريطة تدار بين من لا يحسبون لحق الله وخلقه حسابا ولا يرجون لله وقارا أم هم غافلون ، إنه ظلم عظيم أن يقابل العصيان المحدود بأثر محدود من عاص محدود ، بعذاب غير محدود ف (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)؟!.
وضمير التأنيث في «فيها» راجع إلى اللعنة ، فهم ـ إذا ـ خالدون ـ ما هم أحياء في النار ـ في لعنة مثلثة الزوايا ، فهي تجنح إليهم وهم في النار بما خلّفوا من سنة الكفر والكتمان ، كما ويعذّبون بهذه اللعنات في أمد الخلود أبديا وسواه.
ثم (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) في خلود العذاب غير المخفّف عنهم ، حين يستنظرون ، بل يقال لهم (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ).
ذلك لأنهم أغلقوا على أنفسهم كل منافذ الرحمة يوم الدين ، فقد حملوا معهم لعنة مطبقة من كل لاعن لا ملجأ منها ولا صدر حنون ، وتلك اللعنة هي أم العذاب وأساسه ، والنار هي مؤله ومساسه ، لعنة متسيطرة ما دام في حياة التكليف جنة أو ناس ، حيث إن كفر الكتمان خلّف لعنة طول خط الحياة ، على المؤمنين خلقا لجوّ اللّاإيمان ، مما شكّل عليهم مصائب لتطبيق الإيمان ، فأشكل عليهم حياة الإيمان ، وعلى سواهم من قاصرين إذ ابتعدوا عن الإيمان ، وعلى المقصرين إذ أوثق رباط كفرهم ضد كتلة الإيمان.
(وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ١٦٣ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ١٦٤.