فالاختلاف ـ إذا ـ منه رحمة ومنه زحمة ، والأوّل هو المعني من اختلاف الليل والنهار ، أن يأتي كل خلف صاحبه وفق نظام التدبير من الخلاق العظيم. فالليل والنهار كلّ مختلف صاحبه ، وليس مختلفا عن صاحبه متخلفا عن مسيره ، ولا مختلفا «في» مع صاحبه ، وذلك الاختلاف يأتي في أبعاد هي ـ إضافة الى اختلاف كلّ صاحبه في الظهور ـ اختلاف في البعد الزماني والمكاني ، فاننا نجد في كرتنا الأرضية على كل حال ليلا ونهارا مع بعض في أفقين متقابلين اختلافا مكانيا ، ونجد كلّا من الليل والنهار تختلف ساعاته ، فأقصر الأيام هو نصف ساعة كما في السويسرا ، وأطولها ستة أشهر كما في القطبين ، وبينهما عوان من ١٢ ـ الى ـ ٢٠ ـ الى ٢٤ ساعة ، فالحركة اليومية الأرضية على محورها ترسم لها الليل والنهار بمواجهة نصف الكرة أو يزيد مع الشمس ، اكتسابا من نورها وحرارتها فيسمى النهار ، واستتار الشمس عن النصف الآخر أم يقل ، فتدخل تحت الظل المخروطي وتبقى مظلمة فتسمى الليل ، اختلاف دائب لكلّ من الفرقدين وراء بعضهما البعض حول الأرض.
وعامل ثان هو ميل سطح الدائرة الإستوائية او المعدل عن سطح المدار الأرضي في الحركة الانتقالية شمالا وجنوبا ، وقضيته ميل الشمس من المعدّل شمالا أو جنوبا راسما للفصول ، وهو سبب استواء الليل والنهار في خط الإستواء في القطبين.
أما القطبان أنفسهما فلهما في كل سنة شمسية تامة يوم واحد وليلة واحدة كل منهما نصف سنة ، والليل في قطب الشمال نهار في قطب الجنوب وبالعكس.
فالسنة في المنطقتين القطبيتين نصفها ليل ونصفها نهار على التساوي ، ثم بينهما وخط الإستواء يختلف كلّ من الليل والنهار عن الآخرين من ١٢ ساعة