(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ٧٥.
(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ...) (٥ : ١٣).
هنا (يُؤْمِنُوا لَكُمْ) كأضرابها ، تعني الإيمان لصالح المسلمين ، وليس الإيمان بالمسلمين ، كما «آمن (لَهُ لُوطٌ) فإن في انسلاك لوط في سلك إبراهيم ـ وقد كان مؤمنا بالله قبل ـ أزر وشدّ ظهر للدعوة الإبراهيمية ، وكذلك اليهود ـ وهم أعظم أهل الكتاب ـ كان في إيمانهم برسالة الإسلام ، اطمئنانا لصالح المسلمين فإيمانا لهم أمام مشركي الجزيرة ، ولكنهم أصبحوا أنكر وأكفر منهم.
(أَفَتَطْمَعُونَ) بعد ما سمعتم من قساوة قلوبهم أمام شرعتهم الإسرائيلية أنفسهم (أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) وهم لم يؤمنوا لرسولهم (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ) التوراة (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) معنويا ، أم وتعبيريا (مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الحقّ الرسالي لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما عقلوه ، كسائر الحق الذي كانوا يحرفونه من بعد مواضعها!.
وذلك الفريق هم بطبيعة الحال مدراء الشرعة التوراتية ، المسموع كلامهم عند أتباعها ، لحد لا يؤمنون لكم اتباعا لهم ، وليس يختص هذا الفريق بالذين عاشروا موسى (ع) ولا الذين عاشروا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بل هم كل من كان يسمع آيات التوراة ثم يحرفه من بعد عقله لها وهو يعلم ماذا سمع وماذا ولماذا حرفّ؟.
فحين يسمعون كلام الله من موسى «نابىء آقيم لا هم مقرب إحيحم كموشه وناتتي دباري بفيو ويدبر الوهيم إت كال أشر أصونوا» (تث ١٨ : ١٩) :
«نبي أقيم لهم من أقرباء أخيهم كموسى وأضع كلامي في فمه لكي يبلغهم جميع ما آمره به».