فقد تلمح أولى الآيات هنا ان هناك وجوها من الناس كانوا يولون وجوههم قبل المشرق والمغرب صلاة ودعاء ويحسبون أنه البرّ ـ فقط ـ في حظيرة الإيمان ، فتبادر بتعريف البرّ ابتداء بالإيمان ثم أهم اعمال الإيمان ، دون طقوس جافة خاوية عن الإيمان الحق وحق الإيمان في عشرة كاملة من بنود الإيمان.
١ (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ٢ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ٣ وَالْمَلائِكَةِ ، ٤ وَالْكِتابِ ٥ وَالنَّبِيِّينَ ٦ وَآتَى الْمالَ ٧ وَأَقامَ الصَّلاةَ ٨ وَآتَى الزَّكاةَ ٩ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ١٠ وَالصَّابِرِينَ ...) (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) في دعوى الإيمان (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) دون المولّين وجوههم قبل المشرق والمغرب ، بل المولون وجوههم ـ ككل ـ الظاهرة مع الباطنة ، وجاه مرضات الله ، ومنها وجوه الأبدان قبل القبلة التي يوليهم الله إياها ، رمزا الى الاتجاه ـ ككل ـ إلى الله.
وفي (لَيْسَ الْبِرَّ) تعريض عريض على اليهود المولّين وجوههم قبل المغرب والنصارى المولين وجوههم قبل المشرق ، وهم خاوون عن الإيمان بالله واليوم الآخر وسائر العشرة كما يجب ، كما وهو تعريض هامشي على المسلمين من الذين يشابهونهم في تلك التولية القاحلة عن حق الإيمان.
أجل وليست «وجوهكم» في ذلك الخطاب ـ فقط ـ وجوه أهل الكتاب ، بل والأصل هنا هو وجوه المخاطبين ـ أصالة ـ بالقرآن ، وهم المؤمنون ، مهما كان التنديد الأكثر اتجاها إلى أهل الكتاب ، فالخطاب إذا ـ كأصل ـ من باب : إياك أعني واسمعي يا جارة ، ثم و «إياك» مندّد به على هامش الخطاب ، وعلى أية حال (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ...).
هذا ، وكما سئل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن الإيمان فتلاها ثم ثانية فتلاها ثم ثالثة فتلاها وقال : «وإذا عملت حسنة أحبها قلبك وإذا