أَفَلا تَعْقِلُونَ) تنديدا بفريق منهم غير متطرف يحدث به لهم إذ ليسوا من المعاندين المتواطئين (١).
وقد يلمح (وَإِذا لَقُوا) رجوعا لضمير الجمع الى الفريق السابق ذكرهم ، السامعين كلام الله المحرفين له ، أنهم كانوا ينافقون الفريقين : المسلمين واليهود ، مهما كانوا أقل تطرفا من أقطاب التحريف والتجديف ، إذ هم يجهّلونهم بما يحدثون للمسلمين.
(أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) ٧٧.
أفلا يعقلون هم أولاء الأنكاد المجاهيل (أَوَلا يَعْلَمُونَ) متجاهلين عن علم كتابي وعلم عقلاني (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) من بشارة وسواها (وَما يُعْلِنُونَ) إذا لقوا الذين آمنوا؟ فسواء عليه في حجاجه عليهم أسرّوا ما فتح عليهم أم أعلنوا ، فحين لا يؤمنون بما فتح لهم فانه يحتج عليهم يوم القيامة من فتح عليهم ، سواء أحاجّهم المؤمنون به عند ربهم أم لم يحاجوا ، فلا صلة بأصل هذه المحاجة الربانية لهذا الإعلان ، ولا لمحاجة المؤمنين إن علموا.
ويكأن الله لا يعلم إلا بما علم المؤمنون ، ولا يحاجهم إلّا إذا حاجوهم به عند ربهم ، فالله ـ إذا ـ هو الفرع وهؤلاء وأولاء هم الأصلاء!.
فالله هو الذي فتح عليهم هذه البشارة ، وهو الذي فرض عليهم إتّباع هذا النبي ، فهل ينسى او يتناسى يوم القيامة ما فتح عليهم؟ فهو يحتج إذا حدثوه به المسلمين! ولا يحتج إذا لم يحدثوا!.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٩٢ ـ في مجمع البيان حول الآية روي عن أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) «انه كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين إذا لقوا المسلمين حدثوهم بما في التوراة من صفة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) فيحاجوكم به عند بكم» فنزلت هذه الآية.