يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) ٨٩.
هنا (مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) لا تصدق كلّ ما معهم ، فإنه دخيل من كل تحريف وتجديف ، إذا فهو الذي كانوا يستفتحون به على الذين كفروا من بشارات هذه الرسالة السامية القرآنية (١).
ثم وفي وجه آخر لما معهم ، هو وحي التوراة خالصا عما يشوبه ، حيث القرآن يصدق كل كتابات الوحي ، ويزيف كل دخيل فيها لأنه مهيمن عليها : (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ...) (٥ : ٤٨).
والاستفتاح هنا هو طلب الفتح على المشركين ، كقولهم فيما يروى «اللهم إنا نستنصرك بحق النبي الأمي إلا نصرتنا عليهم» (٢) أو وطلب الفتح منهم أن
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ١٢٦ قال الامام العسكري (عليه السلام) ذم الله اليهود فقال : (وَلَمَّا جاءَهُمْ) يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم وإخوانهم من اليهود جائهم (كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) القرآن «مصدق» ذلك الكتاب (لِما مَعَهُمْ) من التوراة التي يبين فيها ان محمدا الامي من ولد إسماعيل ...
(٢) الدر المنثور ١ : ٨٨ ـ اخرج ابو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس قال : كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل ان يبعث محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا ويقولون : اللهم ... فلما جاءهم ما عرفوا ـ يريد محمدا ولم يشكوا فيه ـ كفروا به. ومن طريق أصحابنا في نور الثقلين أخرجه بأسانيد وأخصرها متنا ما رواه القمي عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : كان قوم فيما بين محمد وعيسى صلوات الله عليهما ، وكانوا يتوعدون اهل الأصنام بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ويقولون ليخرجن نبي فليكسرنّ أصنامكم وليفعلن بكم وليفعلن ، فلما خرج رسول الله (صلى الله ـ