«عهدا» مع الله كما عاهد عليهم الله ام عاهدوه ، ام «عهدا» مع عباد الله (نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) من قلة او ثلة (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) بالعهد والمعهود له ، ومن العهد الرباني الايمان بالرسول الأمي :
(وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ١٠١.
هنا (كِتابَ اللهِ) المنبوذ ليس هو القرآن فحسب ، بل والتوراة وسائر كتابات الوحي ايضا ، حيث البشارات المحمدية فيها تترى بشأن القرآن ورسوله ، فنبذ القرآن نبذ لما بين يديه من كتاب ، (نَبَذَ فَرِيقٌ) وهم الفرقة المتعصبة المحرّفة (كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أنه رسول من عند الله وكتابه كتاب الله ، وهما معروفان لديهم وضح النهار في جل كتابات الرسالات أم كلّها.
ثم فريق ثان هم الأميون الذين لا يعلمون الكتاب إلّا أماني «نبذه» وهم لا يعلمون جهل التقليد المقصر ، ثم فريق ثالث هم القلة القليلة منهم صدقوه وآمنوا به وهم يعلمون فيعلمون.
و (فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) هنا تعريض عليهم ، أنهم على معرفتهم بوحي الكتاب وبشاراته بهذه الرسالة الأخيرة (نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ)!
(وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ١٠٢