مطلق العفو المحدّد بإتيان أمره وليس العفو المطلق مهما بلغ أمر الكيد والإفساد منهم.
ولقد دافع الله عنهم سوء هذه الدعاية اللئيمة والشكيمة ـ فيما دافع (١) ـ بما أخبر رسوله والمؤمنين بكيدهم هذا ، فلا تجب قتالهم كدفاع عن إفساد العقيدة ، فانما أمر بالعفو والصفح لمصلحة ربانية ، علّ منها أن يعلم اهل الكتاب بفضحهم في كيدهم ، والمسلمون على قوتهم وعلمهم بذلك الكيد اللعين أمروا بالعفو والصفح ، علّهم يحيدون عما يكيدون آئبين الى ربهم ، ثم بعد ردح يومر بقتالهم حيث الإياس عن نبهتهم : و (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) منه امر السياسة الصالحة وجاههم حين لم يرتدعوا ولم يرعووا ، ومن أمره الآتي : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٩ : ٢٩).
وهنا الأمر بعد حدّه الزمني محدّد بسلوب أربعة ، انتهاء إلى استسلامهم (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) دفعا للجزية بعد انتهاء شرهم.
كما ومن أمره أمر هدايته لمن اهتدى بعد ضلال ، وارتدع بعد دلال ، ف
__________________
(١) التفسير الكبير للفخر الرازي ٣ : ٢٣٦ روي ان فنحاص بن عازوراء وزيد بن قيس ونفرا من اليهود قالوا الحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد : ألم تروا ما أصابكم ، ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلا ، فقال عمار : كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا : شديد ، قال : فإني عاهدت أني لا اكفر بمحمد ما عشت ، فقالت اليهود : أما هذا فقد صبأ ، وقال حذيفة : واما انا فقد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ، ثم أتيا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأخبراه فقال أصبحتما خيرا وأفلحتما ، فنزلت هذه الآية.