فقال : إنّ لي بيّنة بما أقول.
قالوا : من يشهد لك؟
قال : هذه الشّاة تشهد.
فشهدت بأنّه صادق ، وأنّ يونس قد ردّه الله إليهم. فخرجوا يطلبونه ، فجاءوا به وآمنوا وحسن إيمانهم. فمتّعهم الله إلى حين : وهو الموت ، وأجارهم من ذلك العذاب.
وعن عليّ (١) ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول في آخره : وأنبت الله عليه شجرة من يقطين : وهي الدّبا ، فأظلّته من الشّمس فسكن (٢). ثمّ أمر الشّجرة ، فتنحّت عنه ووقع الشّمس عليه ، فجزع.
فأوحى الله إليه : يا يونس ، لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون ، وأنت تجزع من ألم ساعة؟
فقال : ربّ ، عفوك عفوك.
فردّ الله عليه بدنه ، ورجع إلى قومه وآمنوا به. وهو قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ).
وفي روضة الكافي (٣) : عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ لله ـ عزّ وجلّ ـ رياح رحمة ورياح عذاب. فإن شاء أن يجعل الرّياح من العذاب رحمة ، فعل.
قال : ولن يجعل الرّحمة من الرّيح عذابا.
قال : وذلك أنّه لم يرحم قوما قطّ أطاعوه فكانت طاعتهم إياه وبالا عليهم ، إلّا بعد تحولّهم عن طاعته. قال : وكذلك فعل بقوم يونس لمّا آمنوا ، رحمهم الله بعد ما كان قدّر عليهم العذاب وقضاه. ثمّ تداركهم برحمته ، فجعل العذاب المقدّر عليهم رحمة ، فصرفه عنهم وقد أنزله عليهم وغشيهم. وذلك لما آمنوا به وتضرّعوا إليه.
وفي من لا يحضره الفقيه (٤) : وفي العلل الّتي ذكرها الفضل بن شاذان ـ رحمه الله ـ عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : إنّما جعل للكسوف صلاة ، لأنّه من آيات الله ـ عزّ وجلّ ـ
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣١٩.
(٢) المصدر : فشكر.
(٣) الكافي ٨ / ٩٢ ، ح ٦٤.
(٤) الفقيه ١ / ٣٤٢ ، ح ١٥١٣.