وفي نهج البلاغة (١) : قال ـ عليه السّلام ـ : ألا إنّ الله قد كشف الخلق كشفة ، لا أنّه جهل ما أخفوه من [مصون] (٢) أسرارهم و (٣) مكنون ضمائرهم «ولكن ليبلوهم أيّهم أحسن عملا». فيكون الثّواب جزاء ، والعقاب بواء (٤).
وفي كتاب الاحتجاج (٥) للطّبرسيّ : عن [الحسن بن] (٦) عليّ بن محمّد العسكريّ ـ عليه السّلام ـ أنّ أبا الحسن ، موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ قال : إنّ الله خلق الخلق فعلم ما هم إليه صائرون ، فأمرهم (٧) ونهاهم. فما أمرهم به من شيء ، فقد جعل لهم السّبيل إلى الأخذ به. وما نهاهم عنه من شيء ، فقد جعل لهم السّبيل إلى تركه. ولا يكونون آخذين ولا تاريكن إلّا بأذنه. [وما جبر الله أحدا من خلقه على معصية (٨) ، بل اختبرهم بالبلوى ، كما قال : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
قوله ـ عليه السّلام ـ : ولا يكونون آخذين ولا تاركين ، إلّا بإذنه] (٩) أي : إلّا (١٠) بتخليته (١١).
(وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧) ، أي : ما البعث ، أو القول به ، أو القرآن المتضمّن لذكره إلّا ، كالسّحر في الخديعة والبطلان.
وقرأ (١٢) حمزة والكسائيّ : «إلّا ساحر». على أنّ الإشارة إلى القائل.
وقرئ (١٣) : «أنّكم» بالفتح. على تضمّن «قلت» معنى : ذكرت. أو «أنّ» بمعنى : علّ ، أي : ولئن قلت علّكم مبعوثون ، بمعنى : توقعوا بعثكم ولا تبتّوا بإنكاره ، لعدّوه من قبيل ما لا حقيقة له مبالغة في إنكاره.
(وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ) : الموعود.
__________________
(١) نهج البلاغة / ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، ضمن خطبة ١٤٤.
(٢) من المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : «في» بدل «و».
(٤) البواء : المكافاة.
(٥) الاحتجاج ٢ / ١٥٨.
(٦) من المصدر.
(٧) كذا في المصدر. وفي النسخ : ممّا أمرهم.
(٨) المصدر : معصيته.
(٩) ليس في ب.
(١٠) ليس في المصدر.
(١١) بتخليته وعلمه.
(١٢ و ١٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٢.