ما نقول له. وبكى ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فقال له جبرئيل : [ما لك] (١) يا محمّد ، أجزعت من أمر الله؟
فقال كلّا ، يا جبرئيل ، ولكن قد علم ربّي ما لقيت من قريش إذ لم يقرّوا لي بالرّسالة حتّى أمرني بجهادهم وأهبط إليّ جنودا من السّماء فنصروني. فكيف يقرّون لعليّ من بعدي؟
فانصرف عنه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ. فنزل عليه (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ) (الآية).
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) «أم» منقطعة. و «الهاء» لما يوحى.
(قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) : في البيان وحسن النّظم.
تحدّاهم أوّلا بعشر سور ، ثمّ لمّا عجزوا عنها سهّل الأمر عليهم وتحدّاهم بسورة.
وتوحيد المثل ، باعتبار كلّ واحدة.
(مُفْتَرَياتٍ) : مختلقات من عند أنفسكم ، إن صحّ أنّي اختلقته من عند نفسي. فإنّكم عرب فصحاء مثلي تقدرون على مثل ما أقدر عليه ، بل أنتم أقدر لتعلّمكم القصص والأشعار وتعوّدكم القريض والنّظم.
(وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) : إلى المعاونة على المعارضة.
(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٣) : أنّه مفترى.
(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) : بإتيان ما دعوتم إليه.
وجمع الضّمير إمّا لتعظيم الرّسول ، أو لأنّ المؤمنين ـ أيضا ـ كانوا يتحدّونهم. وكان أمر الرّسول متناولا لهم من حيث أنّه يجب اتّباعه عليهم في كلّ أمر إلّا ما خصّه الدّليل. وللتّنبيه على أنّ التّحدّي ممّا يوجب رسوخ إيمانهم وقوّة يقينهم ، فلا يغفلون عنه. ولذلك رتب عليه قوله : (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) : ملتبسا بما لا يعلمه إلّا الله ولا يقدر عليه سواه.
(وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : واعلموا أن لا إله إلّا هو ، الله العالم القادر بما لا يعلم ولا يقدر عليه غيره ، ولظهور عجز آلهتهم ، ولتنصيص هذا الكلام الثّابت صدقه بإعجازه عليه.
وفيه تهديد وإقناط من أن يجيرهم من بأس الله ـ تعالى ـ آلهتهم.
__________________
(١) من المصدر.