عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ النّجف كان جبلا. وهو الّذي قال ابن نوح : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ). ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه. فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : يا جبل ، أيعتصم بك منّي. فتقطّع قطعا [قطعا] (١) إلى بلاد الشّام ، وصار رملا رقيقا ، وصار بعد ذلك بحرا. وكان يسمّى ذلك البحر : بحر «ني». ثمّ جفّ بعد ذلك ، فقيل : ني جفّ (٢) فسمّي بنيجفّ. ثمّ صار النّاس بعد ذلك يسمّونه بنجف ، لأنّه كان أخفّ على ألسنتهم.
وفي من لا يحضره الفقيه (٣) : روى صفوان بن مهران الجمّال ، عن الصّادق ، جعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ قال : سار وأنا معه في القادسيّة ، حتّى أشرف على النّجف.
فقال : هو الجبل الّذي اعتصم به ابن جدّي نوح ، فقال : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ). فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : يا جبل ، أيعتصم بك أحد منّي. فغار (٤) في الأرض ، وتقطّع إلى الشّام.
(قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) : إلّا الرّاحم ، وهو الله ـ تعالى ـ. أو الإمكان من رحمهم الله ـ تعالى ـ وهم المؤمنون. ردّ بذلك أن يكون اليوم معتصم (٥) من جبل ونحوه يعصم اللّائذ به ، إلّا معتصم المؤمنين ، وهو السّفينة.
وقيل (٦) : «لا عاصم» ، يعني : لا ذا عصمة ، كقوله : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ).
وقيل (٧) : الاستثناء (٨) منقطع ، أي : لكن من رحمه الله يعصمه.
وقرئ : «إلّا من رحم» ، على البناء للمفعول.
(وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) : بين نوح وابنه. أو بين ابنه والجبل.
(فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) (٤٣) : وصار من المهلكين بالماء.
(وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) : نوديا بما ينادى به أولوا العلم وامرا بما يؤمرون به تمثيلا ، لكمال قدرته وانقيادهما لما يشاء تكوينه فيهما ، بالآمر المطاع
__________________
(١) من المصدر.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : بنيجف.
(٣) الفقيه ٢ / ٣٥١ ، صدر ح ١٦١٢.
(٤) المصدر : «منّي أحد» بدل «أحد منّي فغار».
(٥) ب : المعتصم.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٦٩.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : الاستئناف.