والصّواب من الخطأ.
وفي عيون الأخبار (١) ، في باب ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع المأمون ، في الفرق بين العترة والأمّة حديث طويل. وفيه قالت العلماء له (٢) : فأخبرنا ، هل فسّر الله ـ تعالى ـ الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : فسّر الاصطفاء في الظّاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا. فأوّل ذلك ـ إلى قوله ـ : والآية السّادسة قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٣). وهذه خصوصيّة للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى يوم القيامة ، وخصوصيّة للآل دون غيرهم. وذلك أنّ الله ـ تعالى ـ حكى ذكر نوح ـ عليه السّلام ـ في كتابه : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً ، إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ ، وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ، إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (٤). وحكى ـ عزّ وجلّ ـ عن هود ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ، أَفَلا تَعْقِلُونَ). وقال ـ عزّ وجلّ ـ لنبيّه محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ : قل يا محمّد : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). ولم يفرض الله ـ تعالى ـ مودّتهم إلّا وقد علم أنّهم لا يرتدّون عن الدّين أبدا ، ولا يرجعون إلى الضّلال بعد الإيمان (٥).
(وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) : اطلبوا مغفرة الله بالإيمان ، ثمّ توسّلوا إليها بالتّوبة ، وأيضا التّبرّي من الغير إنّما يكون بعد الإيمان والرّغبة فيما عنده.
(يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) : كثير الدّرّ.
(وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) : يضاعف قوّتكم.
قيل (٦) : إنّما رغّبهم بكثرة المطر وزيادة القوّة ، لأنّهم كانوا أصحاب زروع وعمارات.
وقيل (٧) : حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم ثلاث (٨) سنين. فوعدهم هود ـ عليه السّلام ـ على الإيمان والتّوبة بكثرة الأمطار ، وتضاعف القوّة بالتّناسل.
__________________
(١) العيون ١ / ٢٣١ و ٢٣٣ ـ ٢٣٤.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) الشورى / ٢٠.
(٤) هود / ٢٩.
(٥) المصدر : «ضلال أبدا» بدل «الضلال بعد الإيمان».
(٦ و ٧) أنوار التنزيل ١ / ٤٧١.
(٨) المصدر : ثلاثين سنة.