(وَلا تَتَوَلَّوْا) : ولا تعرضوا عمّا أدعوكم إليه.
(مُجْرِمِينَ) (٥٢) : مصرّين على إجرامكم.
(قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) : بحجّة تدلّ على صحّة دعواك. وهو كذب وجحود ، لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بما جاءهم من المعجزات.
(وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا) : بتاركي عبادتهم.
(عَنْ قَوْلِكَ) : صادرين عن قولك. حال من الضّمير في «تاركي».
(وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) (٥٣) : إقناط له من الإجابة والتّصديق.
(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ) : ما نقول إلّا قولنا : اعتراك ، أي : أصابك. من عراه يعروه : إذا أصابه.
(بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) : بجنون ، لسبّك إيّاها وصدّك عنها. ومن ذلك تهذي وتتكلّم بالخرافات.
والجملة مفعول القول ، وإلّا لا عمل لها لأنّ الاستثناء مفرغ.
(قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (٥٤) (مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) (٥٥) : أجاب به عن مقالتهم الحمقاء ، بأن أشهد الله ـ تعالى ـ على براءته من آلهتهم وفراغه عن إضرارهم ، تأكيدا لذلك وتثبيتا له. وأمرهم بأن يشهدوا عليه ، استهانة بهم ، وأن يجتمعوا على الكيد في إهلاكه من غير إنظار. حتّى إذا اجتهدوا فيه ، ورأوا أنّهم عجزوا عن آخرهم وهم الأقوياء الأشدّاء أن يضرّوه ، لم يبق شبهة أنّ آلهتهم الّتي هي جماد لا تضرّ ولا تتمكن من إضراره.
وهذا من جملة معجزاته ، فإنّ مواجهة الواحد الجمّ الغفير من الجبابرة العتاة العطاش إلى إراقة دمه بهذا الكلام ليس إلّا لثقته بالله ، وتثبّطهم عن إضراره ليس إلّا بعصمته إيّاه. ولذلك عقّبه بقوله : (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ) : تقريرا له.
والمعنى : أنّكم وإن بذلتم غاية وسعكم لم تضرّوني. فإنّي متوكّل على الله واثق بكلاءته ، وهو مالكي ومالككم ، لا يحيق بي ما لم يرده ، ولا تقدرون على ما لم يقدّره.
ثمّ برهن عليه بقوله : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) ، أي : إلّا هو مالك لها قادر عليها ، يصرّفها على ما يريد بها.
و «الأخذ بالنّواصي» تمثيل لذلك.
(إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٥٦) ، أي : إنّه على الحقّ والعدل ، فلا يضيع