قيل (١) : شبّههم بهم ، لأنّ عذابهم كان أيضا بالصّيحة ، غير أنّ صيحتهم كانت من تحتهم ، وصيحة مدين كانت من فوقهم.
وقرئ (٢) : «بعدت» ـ بالضّمّ ـ على الأصل. فإنّ الكسر تغيير لتخصيص معنى البعد بما يكون بسبب الهلاك ، والبعد مصدر لهما ، والبعد مصدر المكسور.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) : بالتّوراة ، أو المعجزات.
(وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٩٦) :
قيل (٣) : هو المعجزات القاهرة أو العصا واليد (٤) وإفرادها لأنّها أبهرها.
ويجوز أن يراد بهما واحد. أي : ولقد أرسلناه بالجامع بين كونه آياتنا وسلطانا له على نبوّته ، واضحا في نفسه ، أو موضّحا إيّاها. فإنّ «أبان» جاء لازما ومتعدّيا. والفرق بينهما أنّ الآية تعمّ الأمارة والدّليل القاطع ، والسّلطان يخصّ بالقاطع ، والمبين يخصّ بما فيه جلاء.
(إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ) : فاتّبعوا أمره بالكفر بموسى. أو : فما اتّبعوا موسى الهادي إلى الحقّ المؤيّد بالمعجزات القاهرة الباهرة ، واتّبعوا طريقة فرعون المنهمك في الضّلال والطّغيان ، الدّاعي إلى ما لا يخفى فساده على من له أدنى مسكة من العقل ، لفرط جهالتهم وعدم استبصارهم.
(وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) (٩٧) : مرشد ، أو ذي رشد ، وإنّما هو غيّ محض وضلال صريح.
(يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) إلى النّار ، كما كان يقدمهم في الدّنيا إلى الضّلال. يقال : قدم ، بمعنى : تقدّم.
(فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) :
ذكره بلفظ الماضي ، مبالغة في تحقيقه. ونزّل النّار لهم منزلة الماء ، فسمّى إتيانها موردا. ثمّ قال :
(وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) (٩٨) ، أي : بئس المورد الّذي وردوه (٥) ، فإنّه يراد
__________________
(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٠.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٠.
(٤) ب : زيادة «واليد».
(٥) كذا في أنوار التنزيل ١ / ٤٨٠. وفي النسخ : يوردونه.