سأله الأبرش الكلبيّ عن قول الله (١) ـ عزّ وجلّ ـ : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ). فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : ما قيل لك؟ فقال : قالوا : الشاهد يوم الجمعة. والمشهود يوم عرفة.
فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : ليس كما قيل لك. الشّاهد يوم عرفة. والمشهود يوم القيامة. أما تقرأ القرآن!؟ قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ).
وفي روضة الكافي (٢) في كلام لعليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ في الوعظ والزّهد في الدّنيا ، وفيه : واعلم ـ يا ابن آدم! ـ أنّ من وراء هذا أعظم وأفضع (٣) وأوجع للقلوب يوم القيامة.
وفي تفسير العيّاشيّ (٤) : عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في هذه الآية : فذلك يوم القيامة. وهو اليوم الموعود.
ويمكن الجمع بين الأخبار الدّالّ بعضها على أنّ اليوم (٥) المشهود يوم (٦) عرفة ، وبعضها على أنّه يوم القيامة ، بأنّ كلا اليومين مشهود. واليوم المجموع له النّاس مخصوص بيوم القيامة.
(وَما نُؤَخِّرُهُ) ، أي : اليوم (إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) (١٠٤) : إلّا لانتهاء مدّة معدودة متناهية. على حذف المضاف ، أو على إرادة مدّة التأجيل. كلّها بالأجل لا منتهاها ، فإنّه غير معدود.
(يَوْمَ يَأْتِي) ، أي : الجزاء المدلول عليه بالفحوى. أو : اليوم ـ كقوله (٧) ـ : (أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ) ـ على أنّ «يوم» بمعنى حين. أو : الله ـ تعالى ـ ، كقوله (٨) : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) ونحوه. وإتيان الله إتيان أمره أو شيء منسوب إليه.
وقرأ (٩) ابن عامر وعاصم وحمزة : «يأت» بحذف الياء ، اجتزاء عنها بالكسرة.
(لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) ، لا تتكلّم نفس بما ينفع وينجي ، من جواب أو شفاعة.
__________________
(١) البروج / ٣.
(٢) الكافي ٨ / ٧٣ ، ضمن ح ٢٩.
(٣) ب : أفزع.
(٤) تفسير العياشي ٢ / ١٥٩ ، ح ٦٥.
(٥) أ ، ب ، ر : يوم.
(٦) ليس في ب ، أ ، ر.
(٧) يوسف / ١٠٧.
(٨) البقرة / ٢١٠.
(٩) أنوار التنزيل ١ / ٤٨١.